التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ
٣٤
قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ
٣٥

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ } هذه الفتنة ايضا فتنة العشق التى ظهرت له من محبته بنت الملك وهكذا كل فتنة لو تراها بالحقيقة ما ولدت الا من العشق شغف فى محبتها بحسنها وجمالها فغار عليه الحق واسقطه من منازل الملك حتى غرّ به فى القفار والبوادى وانساه ذكرها غيرة عليه حتى لا يبقى فى قلبه غيرة واجلس مكانه فى الملك صخرا حتى افسد فى الارض فتلطف عليه الحق وارجعه الى مكانه ومكانته فسال الحق تمكينه فى الملك والمملكة { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً } سال المغفرة فيما قصّر فى واجب المعرفة وحقيقتها التى يوجب انفراد القلب عن غير جمال الحق من العرش الى اثرى ثم سال ملك تمكينه فى ذلك المقام وسال ان لا يحتجب بالملك عن المالك ولا يجرى عليه بعد ذلك الامتحان ولا يسلط عليه جنود المكر والقهر حتى لا يحتجب بنفسه عن نفسه وقوله { لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ } ليس هذا من البخل هذا شفقة على المقصرين لو كانوا مبتلين بذلك الملك لكيونون محتجبين به عنه وايضا يبلغ السّالك فى المعرفة والمحبة الى ان لا يطيق ان يرى غير نفسه مقام للمشاهدة قال ابن عطا مكنّى من مخالفة نفسى حتى اوافقها بحال وقال بعضهم هب لى ملكا اى المعرفة بك حتى لا ارى معك غيرك ولا تشغلنى كثرة عروض الدنيا عنك قال الجنيد هب لى ملكاً ثم رجع ونظر فيما سال فقال لا ينبغى لاحد من بعدى ان يسال الملك فانه يشغل عن المالك وقال ابن عطا ساله ملك الدنيا لينظر كيف صبره من الدنيا مع القدرة عليها وقال ابن زانيا اولا استغفر ثم سال الملك اعلم بذلك ان الملك لا يخلوا من الفتن ظاهر وباطنا فجعل او سواله الاستغفار.