التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ ذَلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
٢٣
-الزمر

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } وصف الله سبحانه كلامه القديم حديثه الباقى الذى احسن من كل حسن اذ جميع الحسن منه بدا وحسنه بان يكون بحسن الاشياء وانه صفته الازلية التى خارجة بنعوتها عن رسوم الاصوات وعلل الحروف ومصنوعات الكون لا يشاهد كلام الخلق من فعله صدر وكلامه تعالى من ذاته صدر فكيف يكون مشابها لكلام الحدثان ومعنى قوله متشابها انه خبر عن كلية الذات والصفات التى منبعها اهل القدم وصفاته كذاته وذاته كصفاته وكل صفة كصفة اخرى من حيث التنزيه والقدس والتقديس والكلام بنفسه متشابه المعانى ولك معنى يتكرر فى موضع غير موضعه بلغة اخرى ووضعها مذكورة بحروفها و للتشابه فى القرأن خاص مذكور مبين لاهل الخصوص من اهل شهود وصفات الخاصة الازلية الذين يشهدن والارواح والاشباح فى المراقد العبودية يسمعون من الحق باسماع القلوب فاذا سمعوا خطاب الحق من الحق يستولى على اسرارهم انوار التجلى ثم تستولى من الاسرار على الارواح ثم تستولى من الارواح على العقول ثم من العقول على القلوب ثم من القلوب على الصدور ثم من الصدور على الجلود فتقشعر منها جلودهم من حيث وقوف اسرارهم على مشاهدة العظمة بنعت الخشية والاحلال والعلم به واذا وصل نور الانس بنور العظمة ونور الجمال بنور الجلال سهل على وجودهم سطوات الكبرياء فتلين جلودهم وقلوبهم بنور البسط والانس فزاد شوقهم الى سماع الكلام من العلام لهيامهم الى رؤية جماله وذلك قوله { ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } وخطابه سبحانه سراج يستضئ بنوره كل راشد فى المعرفة مرشد فى التوحيد رساخ فى المحبة سبحانه { ذَلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ } اى من الاولياء والاصفياء والمقربين والمؤمنين الصادقين قيل فى قوله تقشعر وتلين اى تقشعر الخوف وتلين بالرجاء وقيل بالقبض والبسط وقيل بالهيبة والانس وقيل بالتجلى والاستتار قال الاستاذ بالوعد والوعيد وقال النهر جورى وصف الله بهذه الأية سماع المريدين وسماع العارفين وقال سماع المريدين باظهار الحال عليهم وسماع العارفين بالاطمانية والسكون.