التفاسير

< >
عرض

إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٧
-الزمر

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ } نكته الأية فى الحقيقة بعد رسوم العلم ان العبد العارف اذا تحقق فى العبودية وصل الى رؤية انوار الربوبية يصل الى نور الانبساط وذوق الوجد والسكر فى رؤية الجمال فيطيب وقته ويصير مملوا من نور الحق فلا يرى الا الحق بالحق وينسى الحق دون الحق فيدعى هناك الانائية فهدده الحق عن ذلك وقال ان تخرجوا من عندى بدعوى الانائية تكونوا محجوبين بالحال عن المحول وهو منزه ان يحول عليه عال مقدس عن المواصلة والفارقة ولا يرضى ولا يستحسن لعبده الاحتجاب به عند لكن مكر به بمشيته القديمة وارادته السباقة لانها سبقتا على الامر والامر بتغير والرضا لا يتبدل وفى قوله { وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ } بيان ان الكفران نسيان وجوده فى غلبة الوجد وذكر الواجد نفسه ولا يرضى بذلك بل رضى ان يفنى نفس الواجد فيه تعالى وهو باق له لا هو فاذا فنى عنه شكر الله بفنائه فى بقائه وذلك قوله { وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ } وفى الأية من الشطح ان الله سبحانه اعدم الكفر وبين ان ليس الكفر لاحد من العرش الى الثرى وكيف يكون الكفر ولا يروى الله الكفر لاحد فخرج الكفر من البين بذلك لان الرضا نعته الازلية فاذا بقى الكفر فى القدم لا يكون الكفر الى الابد ومنع الرضا والسخط والارادة والمشية ذاته القديمة وهذه الصفات والذات واحدة من جميع الوجوه وبيان ذلك ان حقيقة الكفر فى كونه ان يكون العبد محيطا بجميع ذاته وصفاته ثم ينكره بحيث انكاره يقارن احاطته وكذلك الايمان وذلك مستحيل اذا لا يكون الكفر الحقيقى ولا الاسلام الحقيقى قال القاسم لا يرضى لهم الكفر ولكن يقدر عليهم وليس الرضا من المشية ولارادة والقضاء فى شئ وقال سهل اوّل الشكر الطاعة وأخره رؤية المنة قال عبد العزيز المكى الكفران للنعمة هو ان يظن العبد انه عرف وادّى شيئا من شكر النعمة قال ابن عطا لا يرضى العبادة الكفر لا حاجة به اليكم ولكن من كفر واعرض عنه ممن خلقه لنفسه ولجواره لا يرضى له ذلك حتى يجذبه اليه بتوفيقه ويربيه بفضله وبرضاه وقال بعضهم فى قوله وان تشكروا برضاكم ان وفقتم لشكر نعمتى اوجبت لكم به رضاى.