التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً
١
-النساء

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } اى ايها الناسى عهد الازل وميثاق القدم بشرط وفاء العبودية بعد خاطبى ومعرفتى و تعريفى نفسى لكم حيث قلت الست بربكم فاجبتهم بقلولكم قالوا بلى وايضا ايها الناسى جمال مشاهدتى حيث خرجت ارواحكم من العدم بتجلى انوار القدم فبصرتها بمشاهدتى واستمعتها خطاب ازليتى باشتغالكم على حظوظ البشرية وما مول الطبيعة وايضا ايها المستانس بالمتحسنات من الاكوان والحدثان طلبا لمشاهدة فى علم انها اعظم الحجاب لانها وسيلة حديثة وايضا الى احد الا بى روية الاشياء فى رويتى مكروا ايضا ايها المستانس فى المستوحش من غيرى فلا تعزرن بى فانك لى لا لك وايضا اى يانها الناسى انفسكم التى هى مخلوقة من الجهل بى فلا تخافون حيث ادعيتم معرفتى ومعرفتى للقدم الا للحدث وايضا هذا خطاب لنبى ادم اى اليها الذين انتسبتم الى ابن الماء والطين الذى اشتغل عنى باكل حبة حنطة حتى بكى عليها مائتى سنة ايش تفعلون بعده فى مواقف القربة وتنزل المشاهدة بعد المعرفة فان عذاب الفراق اليم لو تعرفون انفسكم لا تشغلون بالحدثان فانى اصطفيتكم بمشاهدتى وخطابى من بين البريات ما سمعتم قولى ولقد كرما بنى أدم وهذا الخطاب خطاب العتاب للفارقين اوطان الماب الا ترى اذا غضب عظيم عن خادمة لم يسم باسمه ويقول انسان ولا يقول يا حسن يا احمد اى انت على محل الجهل بمرادى منك والاشارة فيه ان الله سبحانه عرف امر المعرفة عباده حيث اشتغلوا بسواه كانه بنههم عن رمدة الغفلات بزاجر هذا الخطاب ويقول ايها الناقضون عهد المعرفة والعشق واما يستحيون منى باشغالكم بغير اى اتقوى من فرقى وعتابى قال بعضهم يا بنى النسيان والجهل وقال ابن عطى اى كونوا من الناس الذين هم الناس وهم الذين انسوا به واستوحشوا ما سواه وقال جعفر اى كونوا من الناس الذين هم الناس ولا تغفلوا عن الله ممن عرفه انه من الانسان الذى خص خلقته بما خص به كبرت همته عن طلب دنو المنازل سمت به الرفعة حتى يكون الحق نهايته ثم الى ربك المنتهى وسموا همته مما خص من الاختصاص من التعريف والالهام وقال بعضهم يا ايها الناس خطاب العام وباعبادى خطاب الخاص وخطاب خاص الخاص يا ايها النبى يا ياها الرسول قوله تعالى { ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ } اى كونوا على تقديس الاسرار عند كشف الانوار وعلى شرط الانفراد فى محبتى والاغيار ولا بتغوا اثار الاشرار لتكونوا فى منازل الصدق من الابرار جذرهم ن نفسه والاشارة فيه ان من مال سره فى سيره اليه امتنع بعزته عن مطالعة جلاله كقوله ويحذركم الله نفسه وحقيقة التقوى قدس السر عما سواه بنعت الخوف من فراقه فى متابعة هواه قال بعضهم التقوى ترك المخالفات اجمع وقال بعضهم تقوى الله هو الاجتناب من كل شئ سواه قال الواسطى التقوى على اربع وجوه للعامة تقوى الشرك وللخاص تقوى المعاصى وللخاص من الاولياء التوسل بالافعال والانبياء تقويهم منه اليه قوله تعالى { ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } ذكر جميع اوصاف وقدمه وامره ومشيته ونعته وافعاله فى هذه الاية رمز وايماء لانه تعالى لما ارد ابداع الخليقة لعرفانها حقوق الالوهية وانشار انوار المحبة الازلية فى فضاء القلوب وامااكمن الارواح تجلى ذاته لصفاته وتجلت صفاته لافعاله وجمع علمه وحكمته وقدرته فى نعت واحد وهو الامر فقرنت الارادة بالامر فنظر فى الامر بنعت الكاف والنون الى العدم من القدم فاظهر جوهر البسيط المجموع فيه الاجسام والارواح والجواهر والاعراض ثم نظر اليه بنظر الهيبة والعظمة والجود فانشر منه ما سبق علمه فى الازل به من العرش الى الثرى على صور هيئة كانت منقوشة بنفوش خواتيم افعاله وذلك المبدع هو احمد صلوات الله عليه حيث قال اول ما خلق الله نورى فكنت كذا وكذا الحديث حتى ذكر ان من العرش الى الثرى خلق من نوره وهو أدم الاول الذى قال تعالى خلقكم من نفس واحدة ثم جمع الارواح والاشباح والانوار والاسرار فى قبضة عزته وخمرها بطينة أدم فى اربعين الف صباح من صبح الازال والاباد حتى خلقه بخلقه وانشاه بروحه فقال خلقت بيدى ونفخت فيه من روحى فباشرت فيه يد الازل والابد وظهر قدس القدم بجميع الاسماء والصفات والنعوت والافعال فصوره بصورة الملك فيتشعب منه اماكن اسرار القديم من خلق الاولين والاخرين وهو صورة عين الجمع التى اظهر الحق منها اوصاف قدمه الا يرى الى قول سيد البشر صلوات الله عليه كيف قال فى المتشابهات ان الله خلق أدم على صروته وهو أدم الثانى { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً } اخبر عن مقام الجمع بقوله { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } ثم اخبر عن التفرقة بقوله وخلق منها زوجها وبث منهم ارجالا كثيرا ونساء بين بعض ما اشرنا استاد الاستادين شيخ التمكين عمر وبن عثمان المكىرحمه الله عليه وقدس روحه وقال ان خلق العالم وهياه باتساق نظم واحدة من اطرافه والنافه وواوله واخره وبدؤه ومنهاه من اسفله اى اعلاه وجعله بحيث لا خلل فيه ولا تفاوت ولا فطورا حكم بناء باتصال تدبيره وحبسه على حدود تقديره وان اختلفت اجزاؤه فى التفرقة والاجسام والهيات والتخطيط والتصوير وفرقة الاماكن وحققه بايتلاف المصالح فهو مربوط بحدود تقديره ومتتابع باتصال تدبيره وبث فيه الاجناس بينها من شواهد الزينة فاظهر القدرة بايجاد أدم ثم وبث فيه الاجناس بينها من شواهد الزينة فاظهرا القدرة بايجاد أدم ثم بث اولاده فى البسط الى تصاريف التدبير لهم والمشية قال الله تعالى هو الذى خلقكم من نفس واحدة الاية قوله تعالى { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ } وكد التحذير وبين القدرة والتقدير اى احذروا عمن هو قادر لا يحاد الخلق من لا شئ ومن شئ ترك مخالفته فانه قادر ان يعدمكم حتى لم تكونوا ابدا كما لم تزالوا معد وما والمعدوم محجوب عن ديوان النبوة والولاية واتفقوا الله الذى تسالون به اى اتقوا من فرقا الذى ساءلون منه به مشاهدته ووصاله وخوفهم بالارحام اى اجتنبوا من مخالفة اوليائى وقطع رحم الصحبة قال صحبتى موصولة بصحبتهم ومن فارق منهم فارق منى قال الاستاد اى فاتقوا الارحام ان تقطعوها فمن قطع الرحم قطع ومن وصلها وصل قوله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ذكر التقوى واكد التقديس الاسرار وليقع نظرات تجليه على مواقع القلوب وصميم الارواح بلا علة وجود الغير فيها لانه منزه لا يصل اليه الا منزه عن غيره وهو ناظر الى مواطن القلوب من الغيوب ويترفرف انوار قربه عليها فاذا يرى فيها ذكر الغير يرتحل مطايا انواره الى مغادن الالوهية والربوبية وذلك قوله ان الله كان عليكم رقيبا وايضا هذا مقام الهيبة ووقوع نور العظمة على القلب لصفى بنعت حفظه عن خطرات الحوادث والقلب العارف المنقلب فى معارج الصفات وهو تعالى استاثر حفظه بنفسه لا يكل حفظه الى غيره وبيان ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم القلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء واذا راقب العبد ربه فى البداية راقبه الله فى النهاية كقوله عليه السلام لابن عباس يا غلام احفظ الله يحفظط والمراقبة منه الحفظ واللاية وفيه بيان تسلية الله سبحانه قلوب المزونين المشتاقين الى جلاله اى انا ناظر الى اسراركم واعلم حرقتكم وهيجانكم انى اجازيكم بوصلى واوسيكم بجمالى وايضا ابخر تعالى عن شوق قدمه قبل الحوادث الى وجوه اصفيائه اى كنت مراقبا بنفسى بغير علة التغائر بخروجكم من العدم الى شواهد القدم من شواهد القدم الى نور العدم كما قال وانى اليهم اشد شوقا وكان اخبار عن الازلية فى الازلية قال ابن عطا فى قوله ان الله كان عليكم رقيبا قال عالما بما تضمر من سرك وما تخفيه من خواطرك فراقب من هو الرقيب عليك.