التفاسير

< >
عرض

يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ
١٩
-غافر

عرائس البيان في حقائق القرآن

وصف الله خيانه العيون وخفايا الصدور وقال لا يخفى علىّ منها شئ وذلك ان العين باب من ابواب القلب فاذا رات شيئا يكون حظ القلب منه يعلم ذلك نفسه فيطلب الحظ منه ومن القلب الى العين باب يجرىعليها حركة هو اجس النفس تحتها على النظر الى شئ فيه لها نصيب فاذا تحققت ذلك علمت ان خيانة العين متعلقة بما تخفى الصدور واذا كان المعارف عارفا بنفسه ويروضها برياضات طويلة وبقدسها بمجاهدات كثيرة وبزمها بزمام الخوف واداب الشريعة صارت صافية من حظوظها فبقيت فى سرها جبلتها على الشهوات فى كل لحظة يجرى فى سرها طلب حظوظها ولكنها ستر بها على العقل واخفتها عن الروح من خوفهما فاذا وجدت الفرصة خرجت الى روزنة العين فتنظر الى مرادها وتسرق حظها من النظر الى المحارم وذلك النظر خفى وتلك الشهوة خفية وصفهما الله سبحانه فى هذه الأية واستعار منها النبى صلى الله عليه وسلم حيث قال اعوذ بك من الشهوة الخفية وقال ابو حفص النيسابورى ----العارف نظره الشهوة وافهم واسمع حقيقة ذلك ان الروح العاشقة اذا احتجب عن مشاهدة جمال الازل ينقبض ويطلب حظه ولا يقدر ان ينظر الى الحق فيطلب ذلك من صورة الانسانية التى فيها أثار الروحانية فينظر من منظره الى منظر العقل ومن منظر العقل الى منظر القلب ومن منظر القلب الى منظر النفس ومن منظر النفس الى منظر الصورة وبنظر من العين الى جمال المستحسنات لينكشف له ما يستر عنه من شواهد الحق فتذهب النفس معه وتسرق تحته حظها من النظر بالشهوة فذلك النظر منها غير مرضى فى الشرع والطريقة وفى سر الحقيقة نظر الروح الى الحق بالوسايط ايضا خيانة وخيانته فى الصدر الا يصبر فى مقام القبض ليجرى عليه احكام الحقيقة ثم ينكشف له عالم التبسط فنبهنا الله بهذه الأية انه يعلم بعلمه القديم هذه الخفايا ولا يستحسن قال ابو عثمان خيانة العين هو ان لا يغضها عن المحارم ويرسلها الى الهوى والشهوات وقال ابو بكر الوراق يعلم من يمد عينه الى الشئ معتبرا من يمدها لارادة وشهوة وقال الاستاذ خيانة اعين المحبين استحسانهم شيئا لهذا يقال

يا قرة العين سل عينى هل اكتحلت بمنظر احسن مذ غبت عن عينى