التفاسير

< >
عرض

أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَٱللَّهُ هُوَ ٱلْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٩
وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللَّهِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
١٠
فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ
١١
لَهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
١٢
-الشورى

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَٱللَّهُ هُوَ ٱلْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ } ولى كل ولى فى الازل اجادهم بتجلى القدم من موت القدم تولى اسرارهم بنعت تحفظها من قهره ويحيى بجماله قلوبهم عن موت الجهل به بعد ان عرفهم نفسه واليس ارواحهم انوار حيوته وفيه شكاية عن المشغولين بغيره الباقين فى حجاب الوسائط يعرض نفسه بنعت الجلال والجمال على المقتصرين ليجذب بحسنه وجماله قلوبهم الى محبته وعشقه ويجيبها بنور انسه وسنا قدسه قال ابن عطا الحق يتولى اوليائه فى كل نفسه برعايته وعناية طرية ومن كان الحق متولى سعاياته وحركاته كان فى ------احرز حرز وهو الذى يحيى القلوب بمشاهدته وبالتجلى بعد الاستتار وقال الواسطى يحيى القلوب بالتجلى ويميت الانفس بالاستتار وقال سهل لا يحيى النفوس حتى تموت قال بعضهم قلوب اهل الحق مصانة عن كل معنى لانها موارد الحق ولما بين ان المعرضين عن ساحة قدسه وجمال وحدانيته عزيز عزته وعظيم نور كبريايئه المقبلين الى وسائط الحدثان وطلب لذة الحال من رؤية الاكوان وكشف الحقيقة عن -----الخليقة انهم عن حقيقة التوحيد عبدة الاصنام اذا انعزلوا عن ضعف قلوبهم عن طوراق سطوات عظمته القدم المنزه فى ظهوره عن ان يحل فى الحوادث المقدس من ان يكون ذاته وصفاته فى الكواين والمشاهدة قدس نفسه عن المشابهة بغيره بقوله { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } اى كل ما وقفتم عليه من العرش الى الثرى فأنا منزه عن ذلك ولولا تجلى من قدس جلالى بالحقيقة لاضمحل الحدثان وفنيت الاكوان سبحانى تعاليت عن خطرات الاوهام وعما يحل فى الافهام وعما يدركه العقول ويشاهده القلوب ويعاينه الارواح وبصادقه الاسرار من ذكرنى بحظه فقد افترى ومن شكرنى بحظه فقد ابترى ومن صبر فى موازاة قدسى فقد اجترى لولا رحمتى الواسعة على جميع خلقى ما اوجدتهم وما خاطبتهم اذ خطابى معهم من وراء كل حادث وليس فى عزة قدمى وراء ولا ملاء ولا خلاء ولا مكان ولا زمان من اشار الىّ بنعت العشق فهو محجوب بخطه عنى ومن اشار الى بنعت المعرفة فانا منزه عن ان كون معروفه بمعرفته ومن اشار اليّ بالتوحيد وتوحيده راجع اليه وانما واحد فى وحدانيتى ما فارقت عن اثنين حتى توحدت فان وحدانيتى منزهة عن الكثرة والقلبة ولم يكن للحدثان وجود بالحقيقة حتى يكون مثلا لى اذ قيامها بى وكيف يكون الاشياء مماثلى والاشياء قائمة لقدرتى ولولا قدرتى ما تكونت الاشياء ليس لصنع مثل فكيف لصفاتى وذاتى يا حبيبى احترق فى نيران الغموم والهموم والياس والقنوط من ادراك عين حقيقته وان كنت مشاهد اياه بادا فان الكون عائب فى بحر لا اله الا اله وأم ليس كمثله نفى الكيفية والاينية والحيثية فى اوّل ابراز نور قدسه بقوله ليس وقد كفى به اهل التوحيد اذا عدم التشبيه والمشابهة ولو فهم المخاطبون وحروف اول السورة لراوا معنى ليس كمثله فى رمزها سبحانه وسبحانه هام فواد عرفه كل لسان وصفه سبحانه ما اعظم شانه قال الواسطى رموز التوحيد كلها خرجت من هذه الأية ليس كمثله شئ لانه ما عبر عن الحقيقة بشئ الا والعلة مصحوبة والعبارة منقوصة لان الحق لا ينعت على اقداره لان كل ناعت مشرف على المنعوت وجل ان يشرف عليه مخلوق وقال الشلبى كل ما ميزتموه باوهامكم وادركتموه بعقولكم فى اتم معانيكم فهو مصروف اليكم ومردود عليكم محدث مصنوع مثلكم لان حقيقته عال ان يلحقها عبارة او يدركها وهم او يحيط بها علم كلا كيف يحيط به علم وقد اتفق فيه الاضداد وبقوله هو الاول والأخر والظاهر والباطن اى عبارة تخبر عن حقيقة هذه الالفاظ كلا قصرت عنه العبارة وخرست الانس لقوله ليس كمثله شئ وقال الواسطى احتجب بخلقه عن خلقه ثم عرّفهم صنعه بصنعه وساقهم الى امره بامره فلا يمكن الاوهام ان تناله ولا العقول ان تختاله ولا الابصار ان يتمثله ولا الا سماع ان تشمله والا الامانى ان يمتهنه هو الذى لا قبل له ولا بعد له ولا يقصد عنه ولا معدل ولا غاية ورأه ولا منتهى ليس له امد ولا نهاية ولا غاية ولا ميقات ولا انقضاء لا يستره حجاب ولا يقله مكان ولا يحويه هواء ولا يحتاطه قضاء ولا -----حلاء ليس كمثهل شئ فلما قطع اطماع الحقيقة عن ادراك جلاله رغبهم فى اقبالهم اليه لطلب عرفان وجوده وجوده بقوله { لَهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } مقاليد مشيته الازلية وارادته القدمية يفتح بها ابواب كنوز بسماوات ذاته وصفاته واعرض فعله للمصطفين فى الازل بمحبته وينثر على اسرارهم جواهر انوار معرفته ويعرفهم شمائل وجوده ومحاسن افعاله وغرايب صفاته ثم زاد وصف كرمه لطلاب قربه وعشاق مشاهدته بقوله { يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } يبسط رزق مشاهدته لمن يشاء من اهل صبابته واهل الاشتياق الى جماله وهو قادر بذلك لا ينقص جلاله وان ينظر اليه اهل شوقه ابد الابدين انه عالم بحر فوادهم ولهيب نيران اسرارهم يميل بذلك ازمة طلاب الحوائج الى ساحة جوده حتى لا يميل احد بكل معنى الى غيره يا اخى مقاليد سماواته ما فى ملائكته من احكام الغيوب مقاليد ارضه ما اودع الحق صدر اوليائه من حجايب القلوب قال ابن عطا مقاليد السماوات والارض الايات والبينات وقال عاتب الله اوليائه بنظرهم الى ما سواه وقال بيدى مقاليد السماوات والارض فلا تشتغلوا بهما ولا بما فيهما وعليهما فان كلها قامت بى كونوا الى حقا اسخر لكم الاكوان وما فيها الا ترى كيف قطعهم عن الاعتماد على الانبياء بقوله من ذا الذى يشفع عنده الا باذنه وقال مقاليد الارزاق صحة التوكل مقاليد القلوب صحة المعرفة بالله ومقاليد العلم الجوع.