قوله تعالى { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } جهلوا العظمة وظنوا ان العظيم من هو له غنى وقوة نفسانية ولو يعلموا ان العظيم هو من عظمة الله بعظمته وكساه انوار سلطانه وبرهانه وهو المصطفى صلى الله عليه وسلم انه عظم قدره فى الدارين بقدر الله وخصة بما قسم له فى الازل بالرسالة والنبوة والشرف والكرامة ووبخهم الله بما تمنوا فى القسمة بقوله { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } جعل معيشة البعض وجعل معيشة البعض علما وخدمة وجعل معيشة البعض ايمانا وصدقا وجعل معيشة البعض توبة وانابة وجعل معيشة البعض محبة وشوقا وعشقا وجعل معيشة البعض معرفة وتوحيدا وجعل معيشة السالكين الفراسات وجعل معيشة الزاهدين الكرامات وجعل معيشة العارفين تراكم الواردات وجعل معيشة الفقراء القناعة والتوكل والرضا والتسليم هذا للمقبلين اليه وللمدبرين عند الغى والضلالة والجهل والغباوة والدنيا الكثيرة الشاغلة من الله عن الله وهم ايضا فى ذلك متفاوتون فبعضهم اعلى من بعض بالمعرفة وبعضهم على من بعض بالمشاهدة وبعضهم اعلى من بعض فى المكاشفة وبعضهم اعلى من بعض فى المحبة وكذلك فى جميع المقامات كما فضل بعض اصحاب الدنيا فى الرزق والمعيشة قال الواسطى فى قوله نحن قسمنا رزق قوما حلال ومدحهم عليه وقوما شبهة وذمهم عليه وقوما حراما وعاقبهم ----- وسرا بالحرام المحض ولم يلمه عليه قال النبى صلى الله عليه وسلم ان روح القدس نفس فى روحى ان نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها الا فاتقوا الله واجملوا فى الطلب وقال الله لهم يقسمون رحمة ربك وقال سهل فضلنا بعضهم على بعض فى المعرفة والطاعة عيشا لهم فى الدنيا والاخرة قال الجنيد بالتمييز وحفظ السر وقال بعضهم بالثقة والتوكل وقال بعضهم بمعرفة كيد النفس وسواس الشيطان ثم بين انّ الله سبحانه أخر الأية ان ما عنده من الاصطفائية الازلية وكشف مشاهدة العزيزة الكريم التى مقدسة من شوايب الاكتساب خير مما يجمعون عن جميع الفضائل وان عيش الأخرة للمؤمنين خير من العيش فى الدنيا بقوله { وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } قال سهل الذكر الله خالصا خير من كثرة الاعمال لطلب الجزاء وقال ابن عطا ما يعطيهم على سبيل الفضل خبر لهم مما يجازيهم.