التفاسير

< >
عرض

إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١١٨
-المائدة

عرائس البيان في حقائق القرآن

اتفق اهل التفسير ان الله لا يغفر للمشركين الذين ماتوا على شركهم ذلك مذهب المسلمين جميعا وقدارى ههنا لطيفة وهى ان الله تعالى اجرى على لسان عيسى سرا مكتوما مبهما على قلوب جميع الخلائق الا من كان من اهل خالصة سره وجمال ان اخفى على عيسى ان من مات على الشرك وهو غير مغفور فى ظاهر العلم ووارد الشرع ونما نطق بذلك من عالم السر المكتوم فى الغيب ومفهوم اصل خطاب فى ذلك كانه اشار الى ما اشار ابن عباس وابن مسعود رضى الله عنهم فى قوله تعالى { { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ } فلا يومر النار ان تاكلهم وتفنيهم ثم تجدد خلقهم قال ابن مسعود ليياتين على جهنم زمان يخفق وابوابها ليس فيها احد وذلك بعد ما يلبثون فيها احقابا قال الشعبى جهنم اسرع الدارين يرمانا واسارعهما خرابا لا ترى الى صورة اللفظ ان تعذهبم يغنى بكفرهم فانهم عبادك فهو حق لاطلاق الملك لك وان تغفر لهم فه فى الدنيا اليوم يمنعك عن ذلك وانت العزيز الواحد بالوحدانية فى ملك لست بجاهل فى غفرانهم فانك حكيم فى امرك وماردك وامضاء مشيتك ونحن لا نقول اكثر من هذا فانه موضع الاسرار وايضا ان تعذيبهم بدعوى المعرفة بان توقعهم فى درك الحيرة والفناء فى عظمتك وان تغفر لهم بان تدخلهم فى مقام الا لتباس حتى لا يدركوك بنعوت الوحدانية وبقوا فى حجاب حظوظهم عنك بك قال الوراق ان تعذبهم بتقصيرهم فى طاعتك فانهم عبادك مقرين لك بالتقصير وان تغفر لهم ذنوبهم فانت اهل العزة والكرم فلم يبدلها الا لمن خلقه لها ومن حق بها واهلها قال بعضهم ترك عيسى الانبساط فى السوال للأمة وترك المحاكمة مع الحق فى افعاله ونبينا صلى الله عليه وسلم لا تزال يشفع ويقول امنى امنى حتى يحاب فى الكل من امته وهذا هو المقام المحمود الذى خص به ويغبط عليه الاولون والاخرون حيث يراجع الحق منبسط ويجاب بقوله قل نسمع واشفع نشفع.