التفاسير

< >
عرض

يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ
٦٧
-المائدة

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ يَـۤأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ } ان الله سبحانه خوف نبيه عليه الصلاة والسلام من نفسه حتى لا يبقى فيه غير الله ويسقط عن عينه الخلق ولا يقرع فى وصف ومداواة معايبهم وحثة على تبليغ ما اخبر الله اليهم فان الله تعالى اراه مالهم بين يديه بقوله وان لم تفعل فما بلغت رسالته ومع ذلك امره بابلاغ ما انزل اليه من الذى يتعلق باحكام العبودية ولم يامر بانه يعرفهم اسررا ما بينه وبين الله وما بين الله وبين اوليائه فان ذرة من اسرارها لم يحتملها السموات والارضون والا الحدثان باسرها لانها وصف خاصية الصفات وكشوف انوار الذات ومحل الانس والجمال بنعت الانبساط والاتصاف والاتاد ودعوى الانانية والازلية والسرمدية وذلك ما ابهم الله على قلوب الخلائق من العرش الى الثرى من السر ما بينه وما بين قلب نبيه فى محل الدنو ودنو الدنو لقوله { { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } لا يطيق اهل الكون ان يحتمل ذرة من ذلك الوحى وكيف يحتمل الحدثان كشف قدم الرحمن كان عليه السلام حمله به لا بنفسه لان الحدث متلاش فى الازل ويبق انه فى عصمته من كيد نفوسهم وشر معاصيهم بقوله والله يعصمك من الناس اى يعصمك من ان يوقعك احد فى التمويه والغلط والخيال فى طريقك الى وهذا الكونه مختارا بالرسالة وحقائق الرسالة فى الرسول ظهور انوار الربوبية فى قلبه وبيان احكام العبودية فى سره قال الواسطى حقائق الرسالة لو وضعت على الجبال لذابت الا انه تظهرون العالم على مقادير طاقتهم الا ترى الى قوله بلغ ما انزل اليه من ربك ولم يقل ما تعرفنا به اليك قال بعضهم معناه ابلغ ما انزل ودع ما تعرفنا اليك الاول الشريعة والثانى ما انزل من الانوار على سر محمد صلى الله عليه وسلم وأله وسمل لا يطيقها بشر قال بعضهم بلغ ما انزل اليك ولا يبلغ ما خصصناك به من محل الكشف والمشاهدة فانهم لا يطيقون سماع ما اطقت حمله من مشاهدة الذات والتجلى بالصفات وقال بعضهم الرسول هو المبتدى والنبى هو المقتدى قال الله فى صفة الانبياء اولئك الذين هدى الله فبهدهم اقتده قيل فى قوله والله يعصمك من الناس اى يعصمك منهم ان يكون مك اليهم التفات ويكون لك بهم اشتغال قيل يعصمك من ان ترى لنفسك فيهم شييئا بل ترى لكل منه وبه وقال الاستاد فى قوله بلغ ما انزل اليك من ربك اى بين للكافة انك سيد ولد أدم وان ادم دون لوائك ويقال بلغ ما انزل اليك انى اغفر العصاة ولا ابالى وارد المطيعين من شئت ولا ابالى ويقال فى قوله والله يعصمك من الناس الا حتى لا يغرق فى بحر التوهم بل تشاهدهم كما هم وجودا بين طرفى العدم