التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىۤ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّاهِدِينَ
٨٣
-المائدة

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىۤ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَقِّ يَقُولُونَ } وصف الله سبحانه اهل خالصة الايمان بحسن الاصغاء عند سماع الذكر والخطاب حيث شاهد عقولهم بشواهد الكتاب بنعت الانبساط وشاهد قلوبهم حلاوة الخطاب و شاهد ارواحهم مشاهد جمال الانبياء وشاهد اسرارهم انوار الصفات بوصف ادراك لطائفها رؤية نادر هجايبها فوردت سواقى بخار علومها وشربت مفرحات عجايب مكنونها ورأت غرايب تجلى عرايس غيبها وهاجتب الى طلب --- بنعوت شوقها الى جمال المخاطب فلما ادركته عرفته بالالوهية وعلمته بالوحدانية وعشقته بما رات من لطيف خطاب معهم وعرفان اسراره فيهم فاثرت ما ادركت فى الاشباح حتى اضطربت وادمعت عيونها بدمع الشوق واحترقت قلوبها بنيران العشق فى مجال الذكر والسماع فعرف الهل صدق عرفاتهم ومواجد قلوبهم بالعلامة الصحيحة وهى سيلان قطرات الدموع الا سحان بوصف الهيجان على حدود اهل العرفان بقوله واذا سمعوا الى قوله من الحق اى ذا وجدوا فى سماع الخطاب ما فاتوا من لطيف حقائق اسراره وعرفوا حق قدر المخاطب والمخاطب استبشروا بالوجدان وحزنوا من ضرر الفقدان وهيج فرحهم وحزنهم الى الشوق والبكاء وذلك البكاء من اصابة عيون قلوبهم الى معارف الغيب ومصادقة ارواحهم شواهد القرب ورب قتيل قتله سماع القرأن من غمرات المعرفة وغشيان النور على قلوبهم روى عند جنيد قال كنت قائما اصلى فقرات هذه الأية كل نفس ذائقة الموت فرددتها مرار افنادى مناد من ناحية البيت كم ترد هذه الأية فلقد قتلت بها اربعة تفر من الجن لم يرفعوا رؤوسهم الى السماء حتى ماتوا من ترديدك هذه الأية وكان الصديق رضى الله عنه لا يتمالك بكاءه عند سماع القرأن ثم وصف الله سبحانه مؤمنى اهل الانجيل بزيادة لاتصديق بما ذكره فى كتابه من قولهم { رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّاهِدِينَ } اى صدقناك بما عرفتنا قدر رسولك واصحابه فانهم شاهدون قربك ووصالك قال ابن عطا فى تفسير قوله واذا سمعوا كادت جوارحهم قلوبهم ان تنطق بقبول الوحى قبل سماعه فى مشاهدة المطفى صلى الله عليه وأله وسلم ولما سمعوا منه لم يطيقوا حمله الا ببكاء فرح او بكاء حسرة أو بكاء دهش أو بكاء حرقة أو بكاء معرفة كما قال الله مما عرفوا من الحق قال الاستاد اذا قرع سمعهم دعوة الحق ابتسم البصيرة فى قلوبهم فسكنوا الى المسموع لما وجد وأمن التحقق.