التفاسير

< >
عرض

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ
٣٧

عرائس البيان في حقائق القرآن

اثبت الله سبحانه رؤية انوار رحمته الازلية وسناء الكبرياء والعظمة وظهور قهر جبارية لمن له قلب وله القاء السمع وله شهو والسر والقلب عبارة عن نقطة دائرة الفطرة القدسية التى خلقها الله من نور فعله الخاص وهو يتجلى لها من نور صفته ونور ذاته وهناك لطيفة الكبرى وهى سر النقطة حولها دائرة العقل وراء الدائرة حواشى فعله التقى تحتها سر الصفات ثم تحت ذلك السر ظهور الذات لها فهو بذاته وصفاته حافظ فعله الخاص اليس ستر الفعل العام على غاشيتها وحولها علام الملك والشهادة ومباطنها كشف الصمدية وجلال الازلية وبينها وبين الحق لم يبق حجاب امتناع قدمه عن احاطتها وذلك الكشف والعيان من بدو وجودها الى ابد الابد لا ينقطع لذلك قال الشبلى وقى مسرمد وتجرى بلا شاطئ سقط عنها اعداد التجلى اذ لم يبق بين الحق وبينها جريان الحوادث ولتلك اللطيفة عيون واسماع اذ كل وجوها سمع وبصر فتجميع سمعها وبصرها مشغولة بخطاب الله ورؤيته فالقت سمعها الاصوات وصلة الازلية وشهدت ابصارها بمشاهدة القديم ثم نورث الهيكل بالحضور والخدمة وطلب هرب الصفات لقريبة وجعلتها مركب سيرانها وطيرانها الى عالم الملكوت ورأت من روزنه البصر ما رأت بلا واسطة وسمعت يسمع الظاهر ما سمعت بلا وسيلة فاذا راى صاحب هذا القلب شيئا من عجايب صنعه صار خاضعاً لعظمته خاشعاً لهيبته مطيعا لامره جعلنا الله واياكم من اصحاب القلوب واقر عيوننا بانوار الغيوب قال الحسين لمن كان له قلب لا يخطر فيه الا شهود الرب وقال ابن عطا قلب لاحظ الحق بعين التعظيم فذاب له وانقطع اليه عما سواه وقال الواسطى ذكرى لقوم واحد لا لسائر الناس كان له القلب فى الازل وهم الذين قال الله او من كان ميتا فاحييناه وقال القاسم هم الانبياء فان الله خلقهم للمشاهدة يشهدون له بقلوبهم عند اقبالهم وادبارهم بانه الثنى والبدئ والمعيد قال الحسين بصائر المبصرين ومعارف العارفين ونور العلماء الربانين واطرق السابقين الناجين والازل والابد ما بينهما من الحدث غيره لمن كان له قلب او القى السمع وقال ابن عطا هو القلب الذى لاحظ الحق فيشاهده ولا يغيب عنه خطرة ولا فترة فيسمع به بل يسمع منه ويشهد به بل يشهده فاذا لاحظ القلب الحق بعين التخويف رعب وارتعد وهاب واذا طالع بعين الجمال والجلال هَدَأ واستقر وقال قلب ولا حظ الحق بعين التعظيم فذاب وانقطع اليه عما سواه واذا لاحظ القلب الحق بعين التعظيم لان وحسن وقال بندارين الحسين القلب مضغة وهو محل الانوار ومورد الزوائد من الجبار وبها يصح الاعتبار جعل الله القلب للجسد امير وقال ان فى ذلك لذكرى لم كان له قلب ثم جعله لربه اسيرا فقال يحول بين المرء وقلبه وقال جعفر اذ هم القلب عوقب على المكاره ولا يعرفه لا العلماء بالله وقال الصبيحى خاطب اصحاب القلوب لان القلوب فى قبضة الحق يقلبها كيف يشاء وسعها وصفاها من البين ونقاها وشرحها وفسحها ثم حشاها بمودته وايمانه ويقينه ولذلك خاطب القلوب بخصائص ما اودع فيها وقال بعضهم للقلوب مراتب فقلوب فى قبضة الحق ماسورة وبلشفه مسرورة وقلوب المحبين اليه والهة فقلوب طائرة بالشوق اليه وقلوب هاجت بالشغف هيمانا او قلوب اعتقدت فيه الامال وقلوب الى ربها ناظرة وقلوب تبكى من القرأن وشدة الاشتياق وقلوب ضاقت فى دار الفناء وسمت الى دار البقاء وقلوب خاطبها فى سرها فزال عنها مرأة الاوجاع وقلوب سارت اليه بهمتها وقلوب صدرت اليه بعزائم صدقها وقلوب تقدمت بخدمته فى المخلوات وقلوب مرّت فى الهدايات واتبعت من الله العناية وقلوب شرب بكأس ابو داود افستوحشت من جميع العباد وقلوب ساقت فى الطريق اليه وقلوب انقطعت بالكيلة اليه فهذه مراتب القلوب فى السلوك والقصد فهم متبع قصده.