التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَٰهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ
٤٧
وَٱلأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ ٱلْمَاهِدُونَ
٤٨
وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
٤٩
فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٥٠
-الذاريات

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ وَٱلأَرْضَ فَرَشْنَاهَا } وصف الله نفسه بالقدرة القائمة بذاته والقوة الازلية فى ذاته بان ركب السّماء وسعها والبسها انوار القدرة القوة وجعلها مرأة لصفاته لنظر نظار الحقيقة وانهار طلاب للمشاهدات الأيات وبسط الارضين القدام اوليائه وجعلها مساجد اصفيائه واثبت فيها صنوف الاشجار وفنون الازهار واثنى على نفسه فى امهاده الارض بقوله { فَنِعْمَ ٱلْمَاهِدُونَ } ذكر ثناء نفسه فى ذكر الارض لخاصيتها بانها مواضع اقدام الصديقين وبانها وصل لمنية أدم وذريته وبين وحدانتيه فى قوله { خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } وقع الكل فى القلة والكثرة وتفرد الوحدانية بالوحدة ليعرف فى رويتها العارف وحدانيته ويعتبر بما وجد فى الكون ان مأل الكل للفناء والحق لم ينزل ولا يزال باقيا قال الحراز اظهر معنى الربوبية والوحدانية بان خلق الارواح ليخلص له الفردانية فلما تبين ان اشكال الاشياء مواضع علة الفناء ودعى العباد الى نفسه لانه البقاى وغيره فان بقوله { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } ففروا من وجودكم من الاشياء كلها الى الله بنعت الشوق والمحبة والتجريد عما سواه وايضا فرو اليه منه حتى تفنوا فيه فان الحادث لا يثبت عند رؤية القديم { إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ } عنه وعن قهر قدمه وفراقه { مُّبِينٌ } حيث يعرفون انى صادق فيها ظهر منى من سلطان هيبته وبرهان قدرته قال سهل ففروا فما سوى الله الى الله وفروا من المعصية الى الطاعة ومن الجهل الى العلم ومن عذابه الى رحمته ومن سخطه الى رضوانه وقال محمد بن حامد حقيقة الفرار الى الله ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال "والجأت ظهرى اليك" وما روى عند فى خبر عائشة رضى الله اعوذ بك منك فهذا غاية الفرار منه اليه قال الواسطى ففروا الى الله معناه لما سبق لهم من الله الى علمهم وحركاتهم وانفسهم كما قال النبى صلى الله عليه وسلم "اعوذ بك منك" سئل بعضهم عن قول النبى صلى الله عليه وسلم سفروا تصبحّوا قال سافروا الينا تجده فى اول قدم ثم قرأ ففروا الى الله.