التفاسير

< >
عرض

فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ
١٠
-النجم

عرائس البيان في حقائق القرآن

ابهم الله تعالى سر ذلك الوحى الخفى على جميع فهوم الخلايق من العرش الى الثرى بقوله ما اوحى انه لم يبين اى شئ اوحى الى حبيبه صلى الله عليه وسم لان بين المحب والمحبوب سر لا يطلع عليه غيرهما واظن ان لو بين كلمة من تلك الاسرار لجميع الاولين والأخرين لماتوا جميعا من ثقل ذلك الوارد الذى ورد من الحق على قلب عبده احتمل ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوة الربانية ملكوتية لاهويته البس الله اياه ولولا ذلك لم يتحمل ذرة منها لانها انباء عجيبة واسرار ---لو ظهرت كلمة منها لتعطلت الاحكام ونفيت الارواح والاجسام واندرست الرسوم واضمحلت العقول والفهوم والعلوم هكذا رسم العلوم المجهولة التى تنبئ عن عين العشق بين العاشق والمعشوق وذلك فى سره وغيب فى غيب يسقط عند ذلك حكم العبودية لان ذلك محض الانبساط وظهور كشف الكى وغلبات سيول الرحمة الازلية الواسعة التى تجرى من بحار القدس وانهار الانس وبما نشق الله من نفحات نرجسها وردها مشام المستنشقين نسائم الوصال وشمال الجمال فيطيرون من الفرح لوجدانها ويضحكون ويبكون ويرقصون ويصبحون من لذة ما وصل اليهم من عرفانها ويسترون تلك الاسرار عن الاغيار كما انشد

لعمرى ما استودعت سرى وسره سوانا حذار ان تشيع السراير
ولاحظته مقلتاى بلحظة فتشهد بحوانا العيون النواظر
ولكن جعلت الوهم بينى وبينه رسولا فادى ما تغيب الضمائر

قال جعفر فى قوله فاوحى الى عبده ما اوحى بلا واسطة فيما بنيه وبينه سر الى قلبه لا يعلم به احد سواه بلا واسطة الا فى العقبى حين يعطيه الشفاعة لامنته قال الواسطى القى الى عبده ما القى ولم يظهر ما الذى اوحى لانه خصه به وما كان مخصوصا به كان مستورا وما بعثه به الى الخلق كان ظاهرا.