التفاسير

< >
عرض

أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ
١٢
وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ
١٣
-النجم

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } ما الرؤية الثانية اقل كشفا من الرؤية الاولى وما الرؤية الاولى بالكشف من الرؤية الثانية اين انت لو كنت اهلا لقلت لك انه عليه الصلاة والسلام راى ربه فى لحافه بعد ان رجع من الحضرة ايضا فى تلك الساعة ما غاب قلبه من تلك الرؤية لمحة وما ذكر سبحانه بيان ان ما راى فى الاول فى الامكان وما راى عند سدرة المنتهى كان واحد لان ظهوره هناك ظهور القدم والجلال وليس ظهوره يتعلق بالمكان ولا الزمان اذ القدم منزه عن المكان والجهات كان العبد فى مكان والرب فيما لا مكان وهذا غاية كمال تنزيهه وعظيم لطفه اذ يتجلى من نفسه لقلب عبده وهو فى الامكان والعبد فى مكان والعقل ههنا مضمحل والعلم متلاش والافهام عاجزة والاوهام متحيرة والقلوب والهة والارواح حايرة والاسرار فانية وفى هذه الأية بيان كمال شرف حبيبه عليه الصلاة والسلام اذ راه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى ظن عليه الصلاة والسلام ان ما رأه فى الاول لا يكون فى الكون لكمال علمه بتنزيه الحق فلما رأه ثانيا لعم انه لا يحجبه شئ من الحدثان وعادة الكبرياء اذا زادهم احد ياتون معه الى باب الدار اذا كان كريما فهذا من الله سبحانه اظهار كمال حبه لحبيبه صلى الله عليه وسلم وحقيقة الاشارة انه سبحانه اراد ان يعرف حبيبه مقام الالباس فلبس الامر وظهر المكر وبان الحق من شجرة سدرة المنتهى كما بان من شجرة العناب لموسى ليعرفه حبيبه عليه الصلاة والسلام بكمال المعرفة اذ ليس بعارف من لم يعرف حبيبه فى لباس مختلفة وبيان ذلك.