التفاسير

< >
عرض

إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ
١٦
مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ
١٧
لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ
١٨
-النجم

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله سبحانه { إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ } وابهم ما غشيه لان العقول لا تدرك حقائق يغشاها وكيف يغشاها والقدم منزه عن الحلول فى الاماكن كان ولا شجرة وكانت الشجرة مرأة لظهوره سبحانه سبحان والطف ظهوره لا يعلم تاويله الا الله والراسخون فى العلم يقولون أمنا به بعد عرفانهم به ثم وصف حبيبه بانه ما التفت الى غيره من الجنان والملكوت فى رؤية جلاله بقوله { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } ذكر هذه الأية الى الرؤية الثانية لان فى الرؤية الاولى لم يكن شئ دون الله لذلك ما ذكر هناك غض البصر وهذا من كمال تمكين الحبيب فى محل الاستقامة وشوقه الى مشاهدة ربه اذ لم يمل الى شئ دون وان كان محل الشرف والفضل قال الواسطى فى قوله { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } افتشكون عن دنو مقاصمنا وقربه ولا يشك فى دونه الا من هو محجوب عن علو محله ومرتبته وقال بعضهم ما يرى منابنا وما يرى منابنا افضل مما يراه منابه وقال الواسطى الى سدرة المنتهى يبلغ كشف الهموم لا لرجل واحد وهو الذى دنا فتدلى من على سدرة المنتهى ما زاغ البصر وما طغى وقال سهل فى قوله ما زاغ البصر وما طغى لم يرجع محمد صلى الله عليه وسلم الى شاهد نفسه ولا الى مشاهدتها وانما كان مشاهدا بكليته لربه تعالى يشاهد ما يظهر عليه من الصفات التى اوجبت الثبوت فى ذلك المحل ثم بين الله سبحانه اراه من أياته العظام ملا يقوم برؤيتها احد سوى المصطفى صلى الله عليه وسلم وذلك بعد ان البسه قوة الجبارية المكلوتية بقوله { لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ } وذلك بروز انوار الصفات فى الأيات وتلك الايات لو رأها احد سواه لاستغرق فى رويتها وكان من كمال استغراقه فى بحر الذات والصفات لم تكبر عليه رؤية الأيات والأفعال قال سهل راى من ايات ربه الكبرى فلم يذهب بذلك عن مشهوده ولم يفارق مجاورة معبوده وقال ابن عطا راى الأيات فلم يكبر فى عينه لكبر همته وعلو محله ولاتصاله بالكبير المتعال قال جعفر مشاهد من علامات المحبة ما كبر عن الاختيار عنها.