التفاسير

< >
عرض

مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ
١٩
بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ
٢٠
-الرحمن

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ } اشارة الحقيقة بالبحرين بحر مشاهدة تجلى القدم وبحر الروح يكشف له بحر جماله وجلاله ويقرب منه بحيث لا تدرى الروح العاشق العارف اين هو فترى الحق ويفنى هو فى الحق ومن ذلك القرب والدنو اعبر الحق بقوله ونحن اقرب اليه من حبل الوريد ولكن بين البحرين حاجزا امتناع غرة وحدانيته بحيث لا يختلط القدم بالحدث لانه منزه عن الحلول فى الاماكن والاستقرار فى المواطن وذلك بقوله { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ } واى برزخ اعظم من تنزيه قدمه من تناول الحدث ومع الحدث برزخ الحدوثية يحتجب به عن الوصول الى حقيقة ذاته وعيون صفاته بل يستمتع بالنظر الى جماله وكشف تجلى جلاله بحر القدم عذب من حيث القدس وبحر الحدث ملح من حيث علل الحدوثية فلما تمرح بها جلاله بنعت التجلى صارت عذبا فراتا من حسن مجاورتها

تكون اجاجا دونكم فاذا انتهى اليكم تلقى طيبكم فيطيب
وما ذاك الا حين خبرت انه تمر بواد انت من قريب

وتصديق هذه المعانى تجلاه بجبل الطور من الشجرة لموسى وهناك مقام عين الجمع انظر الى البحرين بحر الحدث وبحر القدم كيف لا يختلطان والحدثان باسرها من العرش الى الثرى كقطرة فانية فى قلوم بحار ازليته وديموميته يخرج من بحر جلاله جواهر العلوم اللدنية واسرار الحكمية للعقل والقلب وتخرج من بحر الروح جواهر المعرفة ولألى المحبة وان كان الكل من بحره خرج لان بحره موجد البحار ما يخرج من بحر وجوده يكون قديما مثل القرأن والاسماء والنعوت وما يخرج من بحر الروح المالحة بعلة الحدوث ما يتعلق بالحدوثية من العلم والمعرفة والفطنة.