التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ رِضْوَانِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
٢٧
-الحديد

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا } وصف الله ههنا اهل السنة واهل البدعة اهل السنة اهل الرافة والحرمة واهل البدعة اهل الرهبانية المبتدعة من انفسهم وصف الله قلوب المتمسكين بسنة الانبياء بالمودة والشفقة فى دينه ومتابعة رسوله ذلك المودة من مودة الله اياهم وذلك بالرحمة من رحمة الله عليهم حيث اختارهم فى الازل لانهم خلفاء الانبياء وقادة الامة ووصف الله المتكلفين الذين ابتدعوا رهبانية من انفسهم مثل ترك اكل اللحم والجلوس فى الزوايا للاربعين عن الاتيان الى الجمعة والجماعات لاجل قبول العامة بانهم ليسوا على الطريق المستقيم بل هم متابعون شياطنيهم الذين غرتهم فى دينهم بان زينوا فى قلوبهم المحالات والمزخرفات وما كتب الله عليهم الا ابتغاء رضوان الله ورضوان الله هو الشرعية والطريقة الاحمدية المحمدية صلى الله عليه وسلم ثم وصف لهولاء بان ما ابتدعوها من الرهبانية والمجاهدة والرياضة اذا كانت بغير متابعة السنة صارت متروكة قال الله تعالى { فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا } حيث خرجوا من طريق السنة وهكذا حال جهلة زماننا الذين طلبوا الرياسة بالزهد والتعلم والتذكر على رؤس المنابر وقولهم الزور والبهتان وطعنهم فى الاولياء فلما فضحهم الله عند الخلق بما فى صدورهم من حب الجاه والمال تركوا رهابنيتهم ورجعوا الى ما هم فيه والرعاية عند العارفين محافظة الحل من المحال ومراقبة الانوار بعيون الاسرار قال سهل الرهابانية مشتقة من الرهبة وهو الخوف قال معناه وملازمنا الخوف ما تعبدنا هم به قال الشيخ ابو عبد الله محمد بن خفيف فى قوله فما رعوها حتى رعايتها المريد الحذر من مطالعة علمه يقعده عن اقامة الاحوال الموظفة ويجبره الى دواعى الرخص بورود الفترة ويحذران بوروده الاغماض فى مناولة الدنيا والمسامحة فى اخذها فان الله عليك رقيب وقد وصف الله القوم فى كتابه بقوله ورهبانية ابتدعوها الاية.