التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٨
-الحديد

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَآمِنُواْ بِرَسُولِهِ } حقيقة الاشارة مع الشاهدين لله بنعت المحبة وحلاوة الوصلة ايها المشاهدون اتقونى فيما وجدتم منى من لذة الوصال والشغف بالجمال حتى لا يحجبكم عن السير فى انوار أزلى وأبادى والسباحة فى بحار ذاتى بسفن العجز فمن احتجب لى عنى فهو منقطع عنى واقتدوا بسنة الانبياء والمرسلين والمشاهدين والعارفين فيها وجد منى واستقام فى طلب المزيد وما احتجب به عنى حيث استغفر فى كل يوم سبعين مرة من الخطاب الوقوف والسكون فى المعروف حين سلك مسالك الازل والاباد بمراكب الاصطفائية الازلية { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ } نصيبين اى عينين من عيون ذاتى وصفاتى فترونى بالعين الصفاتية مشاهدة صفاتى وبالعين الذاتية مشاهدة ذاتى كما انى حبيبه هذين الكفين وهذين العينين وبهما رانى وبهما عرفنى { وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } يعطيكم نورا من نوره يمشون بمركبة فى ميادين الازل والابد بنعت المعرفة والمحبة { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } قصور ارداككم حقيقة وجوده { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } غفور بحيث هداكم الى نفسه رحيم بانه يغيثكم من الاستهلاك والاستغراق فى بحار عظمته ويبقيكم به بعد الفناء فيه حتى تعيشوا فى مشاهدة جماله ابدا قال الجنيد اى يا ايها الموحدون اتقوا الله ان لا يسلبكم حلاوة معرفته وسرور محتبه وأمنوا برسوله اى اقتدوا به فى محبة لمولاه واستسلام نفسه اليه يوتكم كفلين من رحمته نورا من نوره تقوون به فى ذكره ونور تقون به على مشاهدته ويؤيدكم بنوره الساطع فى ارواح اهل محبته الذى به يقومون على استماع كلامه والتمتع بمخاطبته ويغفر لكم ذنوبكم ملاحظتكم انفسكم قال سهل فى قوله يؤتكم كفلين من رحمة هو السر والعين فالسر سر المعرفة والعين عين الطاعة وقال الاستاذ نصيبين من فضله عصمةً ونعمة فالعصمة من البقاء عنه والنعمة فى البقاء به ثم ان الله سحبانه بين ان الموصول الى هذه المقامات من النبوة والولاية لا يكون الا بفضله وهدايته وارادته وقدرته بقوله { لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّن فَضْلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ } اخرج فضله من الاكتساب وعلل الجهد والطلب يؤتى هذه الكرامات من يشاء من عباده المصطفين فى ازله بالعناية والكفاية { وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } ذو العطاء فى الازل الى الابد عظم فضله بعظمة والفضل العظيم ما لا ينقطع عن المنعم عليه ابدا.