التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ
٢
-الحشر

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ } لما تكن الاعداء فى شره نفوسهم لم يحتسبوا ان الله سبحانه يقلعهم من ذلك ويخذلهم بنفسه وذلك اضراب جسام قهريات فى ظهور عظمته على وجودهم فاستاصلهم من حيث لا يعرفون كقوله سنستدرجهم من حيث لا يعلمون اتاهم بكشف نعت قهر عظمته من طريق الازل الذى انسد سبيله عن ادراك عقول الغفلة ولو راه بلسان العظمة هار عليهم المصائب لكن ليسوا من اهل معرفته فقهرهم بقهر عزته فاتاهم ولم يروه لم يعرفون ولم يجدوا منه الامس قهره فى قلوبهم بقوله { وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ } فحجبهم الرعب عن مشاهدته وذلك الرعب اورث لهم تخريب قلوبهم بمعول الضلالة والغباوة فلما وجدوا طعم الرعب هربوا من سلطنته كشف العظمة وسقطوا فى اودية اهواء وظلماتها وهذا سنة الله على من ادبر عنه بعد الاقبال عليه يعذبهم بنفسه كما هداهم اليه بنفسه وهذا اعظم العقوبة الا ترى الى قوله ومن يكفر بعد منكم فانى اعذبه عذابا لا اعذبه احدا من العالمين وفيه اشارة عين الجمع لان اتيان حبيبه اليهم هو اتيانه فبذلك خوف العباد المعتبرين بمثل هذه المكريات والقهريات بقوله { فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } يا اولى المعرفة فى والابصار والبصيرة التى هو منورة بكحل نور مشاهدتى وخافونى ان كنتم عارفونى بى وهذا كما قال يحيى بن معاذ من يعتبر بالمعاينة لم ينتفع بالموعظة ومن اعتبر بالمعاينة استغنى عن الموعظة قال الله فاعتبروا يا اولى الابصار.