التفاسير

< >
عرض

لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
٢١
-الحشر

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ } فى هذه الآية بعض العتاب مع اهل الماب بانهم لا يذوبون تحت موارد الخطاب الازلى ولا يفنون فى مشاهدة الصفات ولا يرونها عين الذات فان من حقه ان يكون المخاطب بعد متابعة فانيا عن نفسه وعن اكون فيه ولو كان الجبال مقامه فى الخطاب لتدكدكت الجبال وتدررت وانفلقت الصخور والصمم وانهدمت الشامخات والعاديات فى سطوات انواره وهجوم سنا اقداره اذ كل حرف من خطابه اعظم من العرش والكرسى والجنة والنار والاكوان والحدثان وذلك بانها عرفت حقيقة واقرت بالعجز عن حمل هذا الخطاب العظيم حيث قال سبحانه فابين ان يحملها واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا ظلمة قيامه بازاء القدم وجهلله قلة معرفته بحقائق العبودية والربوبية ولا تخض يا اخى فى بحر كلام المتكلمين ان الجبال ليس لها عقل فان هناك ارواحا وعقولا لا يعلمها الا الله قال الله يا جبال اوبى ولولا هناك ما تقبل الخطاب لما خاطبها فان ببعض الخطاب ومباشرة الامر تهبط من خشية الله قال الله وان منها لما يشقق فيخرج من الماء وان منها ما يهبط من خشية الله مكنا العلم بالله وبخطابه وفيه اشارة أخرى فى بيان شرف النبى صلى الله عليه وسلم وامته بانهم حملوا ما لم يحملوا الجبال بقوتها يحملونه بذوق الخطاب وكشف النقاب والسرور بالماب فانهم حملوا بهذا الوجه عظائم كلمات لو حلمتها الجبال الشامخات فى برحائها كما قيل

لو ان ما بى بالحصا فلق الحصا بالريح لم يسمع لهن هبوب

قال ابن عطا اشار الى فضله باوليائه واهل معرفته ان شيئا من الاشياء لا يقوم بصفاته ولا يبقى مع تجليه الا من قوّاه الله على ذك وهو قلوب العارفين فقاموا له به لا بغيره وهو القائم بهم لا هم وهكذا قال الاستاذ ليس هذا الخطاب على وجه العتاب معهم بل هو على سبيل المدح وبيان تخصيصه اياهم بالقوة فقال لو انزلنا هذا القرأن على حبل لو تطق ولتخشع وهولاء خصصتهم بهذه القوة اطاقوا سماع خطابى.