التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
١٢١
أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٢٢
-الأنعام

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَإِنَّ ٱلشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ } بين الله سبحانه من الناس خلق على طبع الشياطين لقوله شياطين الانس والجن وهم الله السالوس والناموس والمقشفين بزى الظاهر المدعين مقامات اولياء اله ياخذون مزخرفات الشياطين بقلوبهم ويترفعون بالفاظ الظلمات وغزون بها من لا يعرف الحق من الباطل قال ابو عثمان المغربى فى هذه الأية يلقون عن السنة المدعين ما يقطعون به الطريق على المتحققين ولما ذم الله المدعين الذين ماتت قلوبهم يلقون على السنة المدعين ما يقطون به الطريق على المتحققين ولماذم الله المدعين الذين ماتت قلوبهم فى ظلمات الطغيان واحتجبت بها عن انوار العرفان وصف بعد ذلك احياء المعارف بانوار الكواشف بعد ان كانوا محجوبين بالعدم عن نور القدم { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ } اى او من كان ميتا بالعدم فاحيينا بنور القدم وايضا او من كان ميتا المجاهدات وايضا او من كان ميتا بشهوات النفس فاوحييناه بصفاء القلب ومن كان ميتا بالخليقة فاحييناه برؤية الحقيقة وايضا من كان ميتا برؤية التواب فاحيينا برؤية الماب الى الوهاب وجعلنا له نورا يمشى به فى الناس اعطيناه نور الفراسة يحكم باستشراق قلبه على الهموم بنور الفراسات فى قلوبا لناس وايضا البسانه انوار الغيب فيكون سراجا بين الناس لهداية الناس بانقاذهم من وثائق الوسواس وايضا كسينا روحه نور مشاهدتنا وعلقه نور ذاتنا وصورته نور حضرتنا وجعلنا جميع وجوده نورا بين الخلائق ليهتدى به كل ضال من سبيل الرشاد هذا كالذى فى ظلمات طبيعته ونفسه وهاوية هواه متحيرة لا يهتدى الى طريق الحق لانه فى حجاب القهر ابدا وصف امتنانه على المريدين الصادقين وتفضله على المقلبين وقهر المفلسين واضاف الهداية والضلالة الى عنايته الازلية وكفايته الابدية وقهره السابق فى المشية وسمى المريد الصادق ميتا قبل وجدان نوره وروح حيوة قربه لانه كان من المقصرين وان كان بعد ذلك من التوفرين لان اكابر المعرفة كانوا احياء فى بساتين لطف مشاهدته تحت اذيال الطاف قربه احياء من الازل الى الابد قال جعفر عليه السلام فى قوله او من كان ميتا عنا فاحيينا بنا وجعلناه اماما يهتدى بنور الاجانب ويرجع اليه الضلال كمن مثله فى الظلمات كن يرى مع شهوته وهواه فلم يؤيد بروائح القرب ووانسة الحضرة قال احمد بن عطا او من كان ميتا بحيوة نفسه وموت قلبه فاحييناه باماته نفسه وحيوة قلبه سهلنا عليه سبل التوفيق وكحلناه بانورا لقرب فلا يرى غيرنا ولا يلتفت الى سوانا قال الجريرى اذا احيا عبد بانوار لا يموت ابدا واذا اماته بخذلانه لا يحيى بادا وقال جعفر عليه السلام ومن كان ميتا باعماد على الطاعات فاحييناه وعلناه نور التضرع والاعتذار وقال بعضهم ميتا برؤية الافعال فاحييناه برؤية الانتقار قال القاسم احيا اولياءه بنرو الانتباه كما احيا الاجساد بالارواح قال سهل من كان يمتا بالجهل فاحييناه بالعلم وقال ابن عطا او من كان ميتا بالانقطاع عنا فاحيناه بالاتصال بنا وجعلنا له نور ايضا لا كمن تركناه فى ظلمة الانقطاع وقال الاستاد الايمان عند هؤلاء القوم حيوة القلب بالله واهل الغفلة اذا الهو الذكر فقد صاروا احياء بعد ما كانوا مواتا وارباب الذكر اعتريهم نسيان فقد ماتوا بعد الحياة والذى هو فى انوار القرب وتحت شعاع العرفان وفى روح الاستبصار لا بدانه من هو فى اسرار الظلمات ولا يساويه من هو رهين الأفات وقد وجد خاطرى خاصية لطيفة فى حقيقة تفسير الأية ان المراد بالميت الفانى فى عالم نكرة التوحيد حيث بداله صواعق سطوات الكبرياء والعظمة فاحياه بروح بقائه ومشاهدة ابدايته حيث انتعش من بيداء النكرة بانوار المعرفة يمشى بالاسرار والارواح فى انوار البقاء لا يحتجب عن انوار جمال وجهه ابدا فيحيى له كل قلب ميت وتطمئن برؤية كل نفس مفتترة عن طاعة ربها فمتونة بظلمات شهواتها ولما استاثر احياء ميتة واعطاء نوره لنفسه ومدحه بذلك وبين مزيته على المدبرين حصن نفسه بالعمل الالهيى بوضع ولايته ورسالته فى الاماكنم المستعدة لقبول نوره وهدايته.