التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ
٤٤
فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٤٥
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ مَّنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ
٤٦
-الأنعام

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ } وصف قوما تركوا نصائح المشائخ من اعجابهم بارئهم ولم يتيقظوا بدقائق الهام الله الذى نزل على قلوبهم حين زجرهم طوارق الغيب عن سكونهم بما وجدوا من نفسهم نبذة من الحكم ولمعا من الفراسة وهذا معنى فلما نسوا ما ذكروا به ولما سكنوا الى انفسكم لما وجدوا من لطائف الكرامات فتح الله عليهم ابواب الرياسة والجاه عند الخلق حتى اذا فرحوا تمكينهم عند العوام يراد الله قلوب الخلق عنهم وفتحهم عندهم عرف الخلائق خيانتهم ومكرم وسقوطهم عن درجة القوم حتى لا ينظر اليهم احد من خلقه بالشفقة والرحمة ويموتون على حسراتهم وهذا معنى قوله تعالى { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً } وقوله تعالى { فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } اى يسون من نيل كرامات الله بعد ذلك لانهم خانوا فى طريقه وهو لا يهدى كيد الخائنين فلما اقدس الله بساط الولاية عنهم ودفع ايذائهم عن خواص حضرته اثنى على نفسه وحمد جلاله المنزه عن الاستبشار بوجودهم والاستيحاش عن عدمهم نيابة عن احباء الذين عجزوا عن حمده وثنائه بقوله تعالى { فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } قوله تعالى { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ مَّنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ } الاشارة فى ذلك الى اهل مقام ذهاب الذهاب اى ان اخذ الله اسماع اسراراكم بصواعق العظمة وطمس بطون بصائركم بانوار العزة وختم على قلوبكم بخواتم الملكوت والجبروت بعد امثالائها من انوار الكبرياء وفنائها فى سنا البقاء حين غلبت سطوات القدم على الحدث بنعت تلاشى الحدث فيبقى ولا يبقى العدم من يكون بعد عدمه فى القدم ممن يدعى الانانية ويخرج نفسه بعد نفائها من تحت اذيال الاحدية بوصف سمع الازل وبصر الابدى وقلب الصمدى لا يكون للفانى فى الباقى اثر فانه تعالى قادر به بذلك منزه عن النظير والعديل قال الترمذى ان اخذ الله سمعكم عن فهم خطابه وابصاركم عن الاعتبار بصنايع قدرته وختم على قلوبكم سلبكم معرفته هل احد يقدر فتح باب من هذه الابواب سواه كلا بل هو المبدى بالنعمة تفضى ومتمها فى الانهاء تكرما.