التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً
٢
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
٣
-الطلاق

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } تفسيره بلسان الاشارة ان العارف الصادق الشاهد جلال الحق تبقى منه بان لا يصل اليه لان نعوته الازلية ممتنعة من مطالعة الخليقة فيتقيه من فقدانه فهو تعالى اذا رأه فى ياس من الوصول الى القدم البسه نعوته واوصله اليه به وذلك ما جعل له مخرجا مما فيه من خوف الفقدان ويرزقه ذوق الدنو من حيث لا يحتسب انه يستحق لذلك فهو تعالى محمود الكرم لا يخيب رجاء القاصدين اليه ثم بين ان من التقى زمام الارادة لارادته فى طلبه ويطرح من بين يديه ويعتمد بقوله عليه فهو تعالى يكفى له ماموله منه ويرضيه بنفسه من نفسه بحيث يستكمل العبد مراده من وذلك قوله { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } ومن ادق الاشارة ان الله سبحانه يقول ومن يتق الله ولم يقل ومن يتق من عذابه او يتقى من شئ دون نفسه نخص التقوى ان يكون من نفسه خاصة وذلك اذا كان يتجلى بجلاله وهيبته وعظمته وكبريائه من الالوهية القدسية والابدية الباقية لقلب عارف من عرفانه ويستولى على قلبه سطوات عظمته يتق العارف من صدمات القدوسية وطوارقات العزة ضعفاء وخوفا من ان لا يحترق فيها فيقر منه لانه علم ان الحادث يتلاشى فى القدم ولا يطيق ان يستقيم بازاء الوحدانية وتطلب الفرار منه مع ما فى قلبه من محبة جماله والشوق الى لقائه فاذا راى الحق سبحانه ذلك من يتجلى لقلبه من عين الجمال جمالا فيجر قلبه بحسنه وجماله اليد ويعصمه من نفسه بنفسه وذلك هو المخرج الذى قال ويجعل له مخرجا يخرج من رؤية العظمة الى رؤية العظمة الى رؤية الجمال ويستقيم لرؤية الجلال فيحتمل الحق بالحق ثم همته همة العجز عن البلوغ الى دنوه يتبين فى نفسه من نفسه انوار النعوت اللازلية فيتصف صفاته بصفاته فلا يرى هناك الا عينا واحدا وذلك قوله ويرزقه من حيث لا يحتسب هو ان يكون منعوتا بنعت الحق فى رؤية الحق لكن يرزقه من حيث لا يحتسب انه يصل اليه بنعت البقاء يبقى ببقاء ويخرج من فنائه فبان بعد ذلك فى سرسره نور وعرفان خاص يبينه بانه مخدوع بما وجد محجوب منه به فيسقط عنه قيمته وايس ايضا من الوصول الى الكل فيعرفه الحق نعتا من نعوته ويعلمه انه لا يصل الى الكنه فيرضيه بنعت من جميع النعوت وباسم من جميع الاسماء وبصفة من جميع صفاته ويكشف من ذاته من جميع فانه حتى لا يبقى له طلب ولا قصد بل يسكن بالحق من الحق فى الحق وذلك قوله تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه اى من يتوكل عليه حين يبقى من الفناء فيه فهو حسبه بان يبقيه ببقائه فيبقى الحق له وان هو فنى فيه فبقاء الحق له من بقائه وعلى لسان المعاملة يبقى الله بان يشغله شئ من دونه عن من الاسباب والنظر الى غيره من الرسومات يجعل الله له مخرجا مما يخاف منه ويرزقه الرضاء من نفسه ويرزقه رزق المقدر فى الازل من حيث لا مشقة عليه فى وصوله اليد وياكل ويلبس بغير انتظار ولا استشراق ونفس ولا تعب فيخرج له من الغيب بالبدية ما يكفيه من السوال والكسب من عرف الله عرفه بكمال قدرته واحاطة علمه بكل ذرة فيبقى زمام الاختيار اليه فهو تعالى يكفى له كل مؤنة فى الدنيا والأخرة وهو ساكن راض وهذا معنى قوله ومن يتق الله يجعل له مخرجا الخ قال سهل فى قوله ومن يتق الله يجعل الخ مخرجا اى يتبرئ من الحول والقوة والاسباب كلها دون والرجوع اليه يجعل له مخرجا مما كلفه بالمعونة عليه والعصمة من الطوارق فيها وقال سهل لا يصلح التوكل الا للمتقين ولا يتم التقوى الا بالتوكل لذلك قرن الله بينهما فقال ومن يتق الله الاية وقال بعضهم من يحقق فى التقوى هو ان الله على قلبه الاعراض عن الدنيا ويسر له امره فى الاقبال عليه والتزين بخدمته وجعله اماما لخلقه تقتدى به اهل الارادة فيحملهم على اوضح السنن واضح المناهج وهو الاعراض عن الدنيا والاقبال على الله تعالى وذلك منزلة المتقين قال الله تعالى ومن يتق الله الاية وقال من يكل اموره الى ربه فان الله بكفيه همم الدارين اجمع قال شاه الكرما فى التوكل سكون القلب فى الموجود والمفقود.