التفاسير

< >
عرض

فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ
٤٤
-القلم

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } وصف الله سبحانه فى حقيقة الاشارة اهل السكر فى المشاهدة اذا وصلوا محض الاتصاف والاتحاد غابوا فى غيبه واستغرقوا فى بحار الوهيته وفنوا من اوصاف الحدوثية بعد انتعاتهم بنعوت الالوهية وصاروا باقين بنعته لا يرون وصفهم ويرون وصف الحق فكادوا ان يخرجا بدعوى الانائية الالوهية وصاروا باقين بنعته لا يرون وصفهم ويرون وصف الحق فكادوا ان يخرجوا بدعوى الانائية فان الله سبحانه سياخذ انوار شموس الذات واقمار الصفات عن عيون ارواحهم قليلا قليلا وهم لا يعلمون من غلبة سكرهم وحلاوة احوالهم حتى يغيب انوار الغيب عن ابصار اسرارهم ويبقيهم فى عرصات الحصو حتى يروا انفسهم فى مقام الغيبة والاستتار قال الواسطى لو كشف للخق لصاروا حيارى ولكن يبدأهم بالتلبيس والسر ثم يكشف ليعرفوا قدر ما هم عليه واما الغاية فهو الاستدراج قال ابو الحسين بن هند المستدرج السكران والسكران لا يصل اليه الم فجع المصيبة الا بعد افاقته فاذا فاقوا من سكرتهم خلص الى قلوبهم ذلك فانزعجوا ولم يطمانوا والاستدراج هو السكون الى الذات والتنعم بالنعمة ونسيان ما تحت النعم من المحن والاغرار بحلم الله عز وجل قال ابو سعيد الحراز الاستدراج فقدان اليقين لان باليقين تستبين فوائد باطنه فاذا فقد اليقين فقد فوايد باطنه واشتغل بظاهره واستكثر عن نفسه حركاته وسعيه لغيبوبته عن المنته قال بعضهم لولا الاستدارج لا يخلوا العبد منه فى وقت من الاوقات ولولا الاستدراج لما عرف العبد طعم الكرامة لما انزجر عن العقوبة فبالاستدراج يعرف العقوبة ويخلق المقت وبالانتباه يعرف النعمة ويرجوا القربة.