التفاسير

< >
عرض

وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِي مَن تَشَآءُ أَنتَ وَلِيُّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَافِرِينَ
١٥٥
-الأعراف

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا } اختار موسى من شربة فى الولاية شربة فى النبوة من اولياء امته الا ترى قولهم لما سمعوا خطاب الحق بلا واسطة واستلذوه وسكر وابطيب الخطاب كيف قالوا ارنا الله جهرة وكيف احرقهم الصعقة لانهم ضعفاء فى الحقائق اختار منهم سبعين لان فى كل امة سبعين من البدلاء والاولياء والنجباء وكذاى فى امة محمد صلى الله عليه وسلم قال بعضهم اختار موسى على عدد الاولياء فى الامم السالفة وفى امته وهم السبعون الذين ليهم يفرغ الخلق وبهم يحفظون ثم لما وصل الى القوم ما وصل الى موت صعقوا وفنوا تحت الصعقة لضعف قلوبهم عن حمل سطوات العظمة اشتد على كليم الله وهاج سره بالانبساط لقوله { فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ } اهلكتهم بنظرهم الى العدل بين بنى اسرائيل واياى فى صعقتى { أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ } تواخذنا بتقصير عبدة العجل وهذا عادة الملوك اذا جنوا اخذوا واعيانهم ويمكن ان قوله بما فعل السفهاء اشارة الى الغائبين فى سكرهم بلذة خطاب الحق حين سعوه وقالوا ارنا لله جهزة وهم ضعفاء الحالات اى يهلكنا بقول السكارى { إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ } اطلق لسان الانبساط وخرج من سجف الاحتشام من بقايا خمار تلك الشربات فى وقت التجلى اى ما هى الصعقة الا امتحانك لعشاقك من عشقك لهم فى الازل وهذا من صنيعك بمحبتك الا ترفع محبك عن المشتاقين اليك

الى متى تحتجب منا اما ان للهجران ان تنصر ما
والغصن غصنا لبان ان يتبسما وللعاشق الصب الذى داب وانحنا
الم يان ان يبكى عليه ويرحما

وفى هذا المعنى انشد حسين بن منصور حين ارادوا قتله كان يتنجتر ويقول

تديمى غير منسوب الى شئ من الحيف سقانى مثل ما يشرب كفعل الضيف
فلما داره الكاس دعا بالنطع والسيف كذا من يشرب الراح مع التنين فى الصيف

فلما سكن موسى من حدة الانبساط رجع الى مقام التوحيد وقطع الاسباب فى ُالعبودية وقال { تُضِلُّ بِهَا } اى تضل وتحجب بامتحانك واختيارك { مَن تَشَآء } مشاهدتك { وَتَهْدِي مَن تَشَآءُ } الى وصالك فمنا من بقى فى الصعقة عن المشاهدة ومنا من وصل بك اليك فى الصعقة وذلك فرق بين مراتب النبوة والولاية ثم نظر الى كلايته انبيائه واوليائه فى مقام امتحانه فقال { أَنتَ وَلِيُّنَا } انت حافظنا منك فيك { فَٱغْفِرْ لَنَا } جناية انبساطه فى مقام رؤية هيبتك { وَٱرْحَمْنَا } وارحمنا بكشف مشاهدتك لنا بلا امتحان ولا واسطة الحيل { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَافِرِينَ } لانك قديم ومغفرتك صفتك شاملة على جميع الجنايات منزهة عن علل الحدثان.