التفاسير

< >
عرض

وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَٰهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ
١٩٨
خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ
١٩٩
-الأعراف

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } نفى الله سبحانه سمع الخاص ونظر الخاص عن اهل الغفلة اذا سماعهم وعيونهم محجوبة بعوارض الضلالة وغواشى الغفلة لا يسمعون باذان قلوبهم نداء الغيب ولا يبصرون بابصار قلبوهم مشاهدة الحق فى الشواهد وذلك من رد الله اياهم عن شهودهم بنعت القاء اسماعهم فى محاضرات المراقبات وترائهم بعيون قلوبهم اهلة الجلال فى سموات اليقين ولو شاء لاسمعهم نداءه واراهم جلاله ولكن منعهم قهر الازلية وخذلان الابدية كان عليه السلام مصبوغا بصبغ الالويهة فى مجامع شريعة بحار القدس مزينا بزينة نور المشاهدة مخبر ابسنا لباس القدرة موشحا بوشاح الرسالة متوجا بتجيان الملكوت راكبا على مركب النبوة فى ميادين الجبروت وكان مرأة مشاهدة الله بين عباد الله بتلجى الحق منه للعالمين ولكن ما ابصره الامن له منه بصر يبصره لذلك قال عليه السلام فى بضع اشارته فى الحققة والاتصال من رأنى فقد راى الحق قلما راى الناظر اليه بنظر الحقيقة الى اين بلغ من ربتة القربة وقال طوبى لمن رانى وطبى لمن راى من رانى لان من تزود من جملاه نور او بهاء يفيض ذلك النور فى جميع وجوده

ويتلالأ نمه ليعون الناظرينادركاس السرور على اناس
لقاؤك عندهم كل الامانىاذا ااكتحلوا بوجهك لم يزالو
من الخيرات فى نعم حسان

قيل فى قوله وان تدعوهم الى الهدى لا يسمعوا كيف يسمع الدعاء من صمد الداعى عن الدعو اليه ولا يسمع نداء الحق الا من اسمعه الحق وباسماعه يسمع لا بسمعه ولا باسماعه وقيل فى قوله وتارهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون بانفسهم ينظرون اليك ولا يبصرون خصائص ما اودعناه فيك وبركات ما اجريناه فى الخليقة بك وكذا من نظر بنفسه الى الرسول صلى الله عليه وسلم حجت عن اوراك معانيه حتى ينظر ببكرة الرسول الى الرسول بل هو ايضا قصار البصر حتى ينظر بالحق اليه ومن الحق اذ ذلك يتبين له شرف ما خص به وقال سهل هى القلوب التى لم يزينها بانوار القرب فهى اعمى من درك الحقائق ورؤية الاكابر وقال ايضا ينظرون اليك باعين لم تكحل بنور التوفيق فلا يعرفون حقك وينظرون اليك بالقلوب التى لم يثبتها بنور هدايته شيئا ويقال رؤية الاكابر ليست بشهود اشخاصهم لكن بما يحصل للقلوب من مكاشفات الغيب وذلك على مقادير الاحترام وحصول الايمان ولما عظم شانه عليه السلام وعز عن ادراك ناظريه وعن ان يطلع على ما فى جلاله وجمال من انوار الصفات وبرجاء سنا الذات وعلم الحق سبحانه عجز الخلق عن اداء حقه واحترامه بحد حقيقة امره عليه السلام بالعفو والكرم عند قطورهم عن رؤية ما كنوا من سطوع انوار الرسالة والنبوة من وجهه بقوله { خُذِ ٱلْعَفْوَ } فاعف عنهم من قلة عرفانهم حقك { وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ } اى بلطف عليهم فى امرك ونهيك بهم فانهم ضعفاء عن حمل واراد احكم شرائعك وحقائك{ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } الذين ليس لهم استعداد النظر اليك ولا يعرفون حقوقك فان مكر كرامات اوليائى ومعجزات انبيائى لا يبلغ الى درجة لاقوم قال بعض المشائخ حين ذكر اهل الظاهر قال دع ذكر هؤلاء الثقلاء ثم انه سبحانه البس حبيبه عليه السلام اخلاق القدم بالتجلى والكشف والمباشر بالفعل ثم اراد ان يلبسه خلقه بالامر القديم والكلام الكريم ليكون متصفا بجميع معانيه بجميع صفاته متخلقا بجميع اخلاقه حتى عظم الامر عنده فى ذلك وافاض لطفه على الجمهور فامرامته بما امر الله بقوله تخلقوا باخلاق الله قال بعضهم امر النبى صلى الله عليه وسلم بمكارم الاخلاق ظاهر او باطنا وهو الصفح عن زلات الخلائق والامر بمكارم الاخلاق واعرض عن الجاهلين اى اعرض عن المعرضين عناقهم الجهال روى ان النبى صلى الله عليه وسلم سأل جبريل صلوات اله عليه عن تفسير هذه الأية فقال تل من قطعك وتعطى من حرمك وتعفو عمن ظلمك وتحسن الى من اساء اليك قال ابن عطا خذ ما صفا ودع ما كدر.