التفاسير

< >
عرض

فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ
٣٠
يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ
٣١
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
٣٢
قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْيَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٣٣
-الأعراف

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ } بدء الكل بسمتين سمة اللطف وسمة القهر فمن صحبة سمة لطفه لا يضره تصاريف التلوين ومن صحبة قهره لا ينفعله ظاهره التمكين فيكونان بعد خروجها من محل الامتحان على نعت فطرة الازل فريقا فى انوار المعرفة وفريقا فى ظلمة الطبيعة قال النورى يجرى عليكم فى الابد ما قضيناه عليكم فى الازل وقال الحسين لا تغتر وابما اجرى عليه من الاعمال قد توافق الخلقة وتخالف قال بعضهم يعودون منه اليه افقدهم لذة الاشياء لوجوده اخاصم بعلمه عن علم من سواه واعنقهم بارادته عن ارادة الاغيار ولى ههنا نكتة كما بداكم بعضا فى روية الجمال وقعوا فى المعرفة وبعضا فى رؤية الجلال وقعوا فى النكرة ابوب عين نفس القدم وهناك تقصير الافهام عن الادراك بقيت فى ضلال النكرة فريقا بقى فى نكرة النكرة ادبا وقريقا بقى فى معرفة المعرفة ابدا ولما ذكر سبحانه اقامة الوجوه بنعت العبودية فى مساجد الشهود امرهم باخذ زينتها فى مواقف المراقبات بقوله { خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } زينة العبد لباس العبودية الذى طرازها التواضع وسداه الاستقامة ولحمته الاخلاص قطع ذيله من الحدثان وقصر كمه من الاكوان وجيبه خشوع وعطفه خضوع وصاحبه منور بنور المأب ومشرف بحسن الثواب فزينة التائبين الحرقة والبكاء وزينة الورعين التضرع والثناء وزينة الزاهدين سمات نور السجود على وجوهم وزينة العابدين سطوع نور الغيب من عيونهم وزينة المحبين الوله والهيجان وزينة المشتاقين الزفرة والهيمان وزينة العاشقين الوجود الغلبات وزينة المستانسين السكينة والوقار وزينة العارفين الهيبة والاجلال وزينة الموحدين الحيرة والفناء دانيهم فى العبودية وعاليهم فى الربوبية من اتى بالعبودية فلباسه لباس الافعال ومن اتى بالربوبية فلباسه لباس الصفات ومن بنعت الفناء مقبلا الى قبلته القدم فلباسه لباس الذات فشتان بين الاحول وشتان بينا للباس وشتان بين العباد

تزين الناس يوم العيد للعيد وقد لبست ثياب الرزق والسود
الناس فى فرح والقلب فى ترح شنان بينى وبيان الناس فى العيد

قال الواسطى يا نبى أدم تغير كانه تقول يا بنى النقص والعيب برد ذلك عليهم حتى لا ينظر الى انفسهم ولا يتلفتون الهيا وقال الاستاد على موجب الاشارة زينة العبد بحضور الحضرة ولزوم السدة والاستدامة لشهود الحقيقة ويقال زينة نفوس العابدين اثار السجود وزينة قلوب العارفين وانوار وجودها فالعابد على الباب بنعت العبودية والعارف على البساط بحكم الحرمة فشان بين عبد وبين عبد وقال زينة النفوس مدار الخدمة وزينة القلوب حفظ الحرمة وزنية الارواح الاطراق بالحضرة باستدامة الهيبة والحشمة ويقال زينة اللسان الذكر وزينة القلب الفكر ويقال زينة الظاهر لسجود وزينة الباطن الشهود ويقال زينة النفوس حسن المعاملة من حيث المجاهدات وزينة القلوب دوام المواصلات من حيث المشاهدات واذكر هذه الزينة التى هى اثار قربة على اهل محبته الذين يلبسون لباس اهل البسط والانس والانبساط من لبن الحب الذى لا يليق لا بعشاق الله وعرائس بساط الله وياكل اكل الحنانيين من اطيب المباحات فى مقام الرفاهية غير بعد ذلك اهل انكارهم الذين ينكرون اولياء الله بليس الفاخرات واكل الطيبات فى مقام المشاهدات التى هى اعياد العارفين والموحدين بقوله { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ } الخطاب يحتمل الغضب على الاعادء والتفضل على الاولياء اى من اجترى ان ينكر على العبائى الذين هم ملوك حظائر قدسى وعرائس مجال النسى باكتسابهم بيزنة العاشقين وبيتنا ولهم من طعام المستانسين واعلم انها خارجة عن كسب الخلق حين اضاف اخراجها الى نفسه بقوله زينة الله التى اخرج لعباده اى هى زينة اخرجها القاصدية وعاشقيه اخرجها من تكلف الخلق حين اخص نفسه باخراجها لهم وهى التى ما جرت عليها حبل الخلائق بقدسه من غبار العلائق حلالا عن اهل الحق حيث لا يدخل فيها خيانة الخائنين ولا كسب البطالين مباحلا لاهل الانس بحيث جاءت من عنده بلا علة ولا كلفة ياكلونها بالتوكل وتلبسونها بالرضا والمحبة على عارية الاعداء بافية على الاولياء بقوله { قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } وايضا فى الحقيقة نور جماله وجلاله الذى ظهر من بشرة العارفين ولاطيبات من الرزق هى موائد الانس على خواغن القدس واثمار التجلى من اشجار التدلى قال بعضهم الزنية التى اخرج الله لعباده هى المباحات فى البوادى والكسب الحلال فى الحضر والطيبات من الرزق هى الغنائم وقال ابو عمر والد مشقى من حرم التزين بما يبدوا على الاولياء من المعونات والكرامات التى اجرحها لعباده المخلصين والطيبات من الرازق كسر الفقراء الذين ياخذونها عن ضرورة وفاقه وقال الاستاد الطيبات من الرزق ارزاق العارفين الاكرام بنسيان ما سوى الله ولما ذكر تفضله تعالى على الموقنين العارفين بان رقزهم من مدخور ما عنده فى خزائن جوده من الزينة والطيبات التى قويت بها ابدان الصديقين وحرمت عن لذتها اجساد المفلسين الذين يتكركونها ياء وسمعته وتزهد او تقسفا ووسالى ساونا موسا ويقولون انها محرمة على اولياء الله جهلا بالشريعة وانكار على اهل الحقيقة بين ان ما حرم الله ليس هى انما حرم سمعة الظاهرون ياء الباطن وامر نبيه صلى الله عليه وأله وسلم بجواب الراعبين عن طريق الحق بقوله { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } فحش الظاهر مباشرة ما يستغله عن العبادة الخالصة وما بطن ما يجرى على القلب الوسواس الذى يكون حجاباً بينه وبين مشاهدة الحق وايضا ما ظهر منها من الفواحش وما يجرى فى صورة المعصية وما بطن فيها ما يبقى فى النفس من حلاوت مباشرتها وزاد ذكر ما انكره تعالى بقوله { وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْيَ } الاسم ظاهر الانكار على الاولياء والبغى الحسد فى الباطن عليهم { وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } اى امتنع بجلاله وعلو كبريائه فى القدم من ان يكون معه فى الالوهية ضد الشرك رؤية الغيري فى البين ثم القى الرغام على انوف المدعين الذين يدعون علوم اللدنيات بقوله { وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } قال سهل ان يكلم عن الله بغير اذن على غير سبيل الحرمة وحفظ الادب فقد هتك ستره وعدا طروه وقد حذر الله تعالى ان يقول احد عليه ما لا يعلم وان تقولوا على الله ما لا تفعلون قال ابو عثمان فى قوله انما حرم ربى الفواحش ما تريد لغير الله من الطاعات وقال بعضهم ما ظهر من الفواحش هو الكذب والغيبة والبهتان وما بطن الغل والغش والحقد وقال الاتساد ما ظهر منها الزلة وما بطن الغفلة ويقال فاحشة الاحباب الصر على المحبوب.