التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ
١
أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ
٢
-الفيل

تفسير القرآن

{ ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل } قصة أصحاب الفيل مشهورة وواقعتهم كانت قريبة من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي إحدى آيات قدرة الله وأثر من سخطه على من اجترأ عليه بهتك حرمه وإلهام الطيور والوحوش أقرب من إلهام الإنسان لكون نفوسهم ساذجة وتأثير الأحجار بخاصية أودعها الله تعالى فيها ليس بمستنكر، ومن اطلع على عالم القدرة وكشف له حجاب الحكمة عرف لمية أمثال هذه، وقد وقع في زماننا مثلها من استيلاء الفأر على مدينة ابيورد وإفساد زروعهم ورجوعها في البرية إلى شطّ جيحون وأخذ كل واحدة منها خشبة من الأيكة التي على شطّ نهرها وركوبها عليها وعبورها بها من النهر وهي لا تقبل التأويل كأحوال القيامة وأمثالها. وأما التطبيق فاعلم أن أبرهة النفس الحبشية لما قصد تخريب كعبة القلب الذي هو بيت الله بالحقيقة والاستيلاء عليها وأراد أن يصرف حجاج القوى الروحانية إلى قلس الطبيعة الجسمانية التي بناها وأراد تعظيمها فخرأ فيها قرشي العاقلة العملية بإلقاء فضلة الغذاء العقلي فيها من صور التأديب المخصوص بالأمور الطبيعية كالعادات الجميلة والآداب المحمودة أوقع فيها شراراً من نار الشوق التي أوقدها عير قريش القوى الروحانية فأحرقها بالرياضة فساق جنوده وعبى جيوشه من جنس القوى النفسانية وصفاتها الظلمانية بالطبع كالغضب والشهوة وأمثال ذلك، وقدم فيل شيطان الوهم الذي لا ينهزم عن جنود العقل ويعارضه في الحرب والشيطان أكثر ما يتشكل يكون بصورة الفيل كما رآه معاذ في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال عليه السلام: "إن الشيطان ليضع خرطومه على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله خنس" .