{الر كتاب} مرّ ذكره {أحكمت آياته} أي: أعيانه وحقائقه في العالم الكلي بأن أثبتت دائمة على حالها لا تتبدل ولا تتغير ولا تفسد محفوظة عن كل نقص وآفة {ثم فصلت} في العالم الجزئي وجعلت مبينة في الظاهر معينة بقدر معلوم {من لدن حكيم} أي: أحكامها وتفصيلها من لدن حكيم بناها على علم وحكمة لا يمكن أحسن منها وأشدّ أحكاماً {خبير} بتفاصيلها على ما ينبغي في النظام الحكمي في تقديرها وتوقيتها وترتيبها.
{ألا تعبدوا إلا الله} أي: ينطق عليكم بلسان الحال والدلالة أن لا تشركوا بالله في عبادته وخصوصه بالعبادة {إنني لكم منه نذير وبشير} كلام على لسان الرسول، أي: إنني أنذركم من الحكيم الخبير عقاب الشرك وتبعته وأبشركم منه بثواب التوحيد وفائدته.
{وأن اسْتَغْفِروا ربكم} أي: وحدوه واطلبوا منه أن يغفر هيئات النظر إلى الغير والاحتجاب بالكثرة والتقيد بالأشياء والوقوف معها حتى أفعالكم وصفاتكم {ثم توبوا إليه} ارجعوا إليه بالفناء فيه ذاتاً {يمتعكم} في الدنيا تمتيعاً {حسناً} على وفق الشريعة والعدالة حالة البقاء بعد الفناء إلى وقت وفاتكم {ويؤت كل ذي فضل} في الأخلاق والعلوم والكمالات {فضله} في الثواب والدرجات أو يمتعكم بلذات تجليات الأفعال والصفات عند تجرّدكم إلى وقت فنائكم أو {ويؤت كل ذي فضل} في الاستعداد فضله في الكمال والمرتبة عند الترقي والتدلي {وإن تولّوا} أي: تعرضوا عن التوحيد والتجريد {فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير} شاق عليكم وهو يوم الرجوع إلى الله القادر على كل شيء أي: يوم ظهور عجزكم وعجز ما تعبدون بظهوره تعالى في صفة قادريته فيقهركم بالعذاب.