التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ ٱلْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
٧
وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ
٨
-هود

تفسير القرآن

{ وهو الذي خلقَ السموات والأرض في ستة أيام } أي: خلق العالم الجسماني في ست جهات { وكان عرشه على الماء } أي: عرشه الذي هو العقل الأول مبتنياً على العلم الأول مستنداً إليه مقدماً بالوجود على عالم الأجسام، وإن أوّلنا الأيام الستة بمدة الخفاء كما مر وخلق السموات والأرض باختفائه تعالى بتفاصيل الموجودات فمعنى كون عرشه على الماء كونه قبل بداية الاختفاء ظاهراً معلوماً للناس كقولك: فعلته على علم، أي: في حال كونه معلوماً لي، أو كوني عالماً به، أي: على المعلومية كما قال حارثة حين سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أصبحت يا حارثة؟ قال: أصبحت مؤمناً حقاً. قال صلى الله عليه وسلم: لكل حق حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ قال: رأيت أهل الجنة يتزاورون ورأيت أهل النار يتعاوون ورأيت عرش ربي بارزاً. قال صلى الله عليه وسلم: أصبت، فالزم" . وقد عبّر في الشرع عن المادة الهيولانية بالماء في مواضع كثيرة منها ما ورد في الحديث: إن الله خلق أول ما خلق جوهرة، فنظر إليها بعين الجلال فذابت حياء نفسها ماء ونصفها نار. فإن أوّلناه بها فمعناه: وكان عرشه قبل السموات والأرض بالذات لا بالزمان مستعلياً على المادة فوقها بالرتبة، وإن شئت التطبيق على تفاصيل وجودك فمعناه خلق سموات القوى الروحانية وأرض الجسد في الأشهر الستة التي هي أقل مدة الحمل وكان عرشه الذي هو قلب المؤمن على ماء مادة الجسد مستولياً عليه متعلقاً به تعلق التصوير والتدبير { ليبلوكُم أيكم أحسن عملاً } جعل غاية خلق الأشياء ظهور أعمال الناس أي: خلقناهم لنعلم العلم التفصيلي التابع للوجود الذي يترتب عليه الجزاء أيكم أحسن عملاً فإن علم الله قسمان: قسم يتقدّم وجود الشيء في اللوح، وقسم يتأخر وجوده في مظاهر الخلق والبلاء الذي هو الاختبار هو هذا القسم.