التفاسير

< >
عرض

إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ
١
وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً
٢
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً
٣
-النصر

تفسير القرآن

{ إذا جاء نصر الله } أي:المدد الملكوتي والتأييد القدسي بتجليات الأسماء والصفات { والفتح } المطلق الذي لا فتح وراءه وهو فتح باب الحضرة الأحدية والكشف الذاتي بعد الفتح المبين في مقام الروح بالمشاهدة.
{ ورأيت الناس يدخلون في دين الله } أي: التوحيد والسلوك على الصراط المستقيم بتأثير نورك فيهم عند فراغك من تكميل نفسك { أفواجاً } مجتمعين كأنهم نفس واحدة تستفيض من فيض ذاتك قائمة مقام نفسك وهم المستعدّون الذين كانت بين نفسه عليه السلام وأنفسهم علاقة مناسبة ورابطة جنسية توجب اتصالهم به بقبول فيضه.
{ فسبح } أي: نزّه ذاتك من الاحتجاب بمقام القلب الذي هو معدن النبوّة بقطع علاقة البدن والترقي إلى مقام حق اليقين الذي هو معدن الولاية { بحمد ربّك } أي: حامداً له بإظهار كمالاته وأوصافه التامة عند التجريد بالحمد الفعلي { واستغفره } واطلب ستره ذاتك بذاته كما كان حال الفناء قبل الرجوع إلى الخلق أبداً { إنه كان توّاباً } قابلاً لرجوع من رجع إليه بإفنائه بنوره، ولما كمل الدين واستقرّت دعوته التي كانت بعثته لأجلها أمره بالرجوع إلى مقام حق اليقين الذي لا يستمر إلا بعد الموت، ولذلك
"لما نزلت فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم استبشر الأصحاب وبكى ابن عباس فقال صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ قال: نعيت إليك نفسك! فقال عليه السلام: لقد أوتي هذا الغلام علماً كثيراً" . "وروي أنها لما نزلت خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنّ عبداً خيّره الله بين الدنيا وبين لقائه فاختار لقاء الله، فعلم أبو بكر رضي الله عنه فقال: فديناك بأنفسنا وأموالنا وآبائنا وأولادنا" . "وعنه أنه دعا فاطمة عليها السلام فقال: يا بنتاه! نعيت إلي نفسي فبكت فقال: لا تبكي فإنك أول أهلي لحوقاً بي، فضحكت" . وتسمى هذه السورة (سورة التوديع)، وروي أنه عاش بعدها سنتين ونزلت في حجة الوداع.