التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ
٩٩
وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
١٠٠
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ ٱلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ
١٠١
ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ
١٠٢
وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ
١٠٣
وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
١٠٤
وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ
١٠٥
-يوسف

تفسير القرآن

ودخولهم على يوسف هو وصولهم إلى مقام الصدر حال الاستقامة. ودخولهم مصر كون الكل في حضرة الجمعية الإلهية الواحدية مع تفاضل مراتبهم في عين جمع الوحدة. ورفع أبويه على العرش عبارة عن ارتفاع مرتبتي العقل والنفس عن مراتب سائر القوى وزيادة قربهما إليه وقوّة سلطنتهما عليها. وخرورهم له سجداً عبارة عن انقياد الكل وطاعتهم له بالأمر الوحداني بلا فعل حركة بأنفسهم بحيث لا يتحرك منها شعر ولا ينبض لها عرق إلا بالله. وتأويل رؤياه صورة ما تقرّر في استعداده الأول من قبول هذا الكمال.
{ قد جعلها ربي حقاً } أخرجها من القوة إلى الفعل { وقد أحسن بي } بالبقاء بعد الفناء { إذ أخرجني من } سجن الخلوة التي كنت فيها محجوباً عن شهود الكثرة في عين الوحدة ومطالعة الجمال في صفات الجلال { وجاء بكم من } بدو خارج مصر الحضرة الإلهية { من بعد أن نزغ } شيطان الوهم { بيني وبين إخوتي } بتحريضه إياهم على إلقائي في قعر بئر الطبيعة، بانهماكهم وتهالكهم على اللذات البدنية { إنّ ربي لطيف } يلطف بأحبابه بتوفيقهم للكمال وتدبير أمورهم بحسب مشيئته الأزلية وعنايته القديمة { إنه هو العليم } بما في الاستعدادات { الحكيم } بترتيب أسباب الكمال وتوفيق المستعدّ للوصول إليه.
{ ربّ قد آتيتني من المُلْك } أي: من توحيد الملك الذي هو توحيد الأفعال { وعلّمتني من تأويل الأحاديث } أي: معاني المغيبات وما يرجع إليه صورة الغيب، وهو من باب توحيد الصفات. { فاطِر } سماوات الصفات في مقام القلب وأرض توحيد الأفعال في مقام النفس { أنتَ وليي } بتوحيد الذات في دنيا المُلْك وآخرة الملكوت { توفني مسلماً } أفنني عني في حالة كوني منقاداً لأمرك لا طاغياً ببقاء الأنية { وألحِقْني بالصالحين } الثابتين في مقام الاستقامة بعد الفناء في التوحيد.