التفاسير

< >
عرض

إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يٰأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ
٤
قَالَ يٰبُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
٥
وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٦
-يوسف

تفسير القرآن

{ يا أبت إني رأيتُ أحدَ عشرَ كوكباً } إلى آخره، هذه من المنامات التي ذكرنا في سورة (هود) أنها تحتاج إلى تعبير لانتقال المتخيلة من النفوس الشريفة التي عرض على النفس من الغيب سجودها له إلى الكواكب والشمس والقمر وما كانت في نفس الأمر إلا أبويه وإخوته { لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كَيْداً } هذا من الإلهامات المجملة، فإنه قد يلوح صورة الغيب من المجردات الروحانية على الوجه الكلي العالي عن الزمان في الروح ويصل أثره إلى القلب ولا يتشخص في النفس مفصلاً حتى يقع العلم به كما هو فيقع في النفس منه خوف واحتراز، إن كان مكروهاً، وفرح وسرور إن كان مرغوباً. ويسمى هذا النوع من الإلهام: إنذارات وبشارات، فخاف عليه السلام من وقوع ما وقع قبل وقوعه، فنهاه عن إخبارهم برؤياه احترازاً. ويجوز أن يكون احترازه كان من جهة دلالة الرؤيا على شرفه وكرامته وزيادة قدره على إخوته، فخاف من حسدهم عليه عند شعورهم بذلك.
{ وكذلك يَجْتَبيك ربّك } أي: مثل ذلك الاصطفاء بإراءة هذه الرؤيا العظيمة الشأن، يصطفيك للنبوّة إذ الرؤيا الصادقة، خصوصاً مثل هذه من مقدّمات النبوة، فعلم من رؤياه أنه من المحبوبين الذين يسبق كشوفهم سلوكهم { ويتمّ نِعْمته عليك } بالنبوّة والمُلْك.