التفاسير

< >
عرض

وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ
٩١
وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
٩٢
وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلـٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
٩٣
وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ ٱلْسُّوۤءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
٩٤
وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
٩٥
مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٩٦
مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٩٧
فَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ
٩٨
-النحل

تفسير القرآن

{ وأوفوا بعهد الله } الذي هو تذكر العهد السابق وتجديده بالعقد اللاحق بالبقاء على حكمه في الإعراض عن الغير والتجرّد عن العوائق والعلائق في التوجه إليه { إذا عاهدتم } أي: تذكرتموه بإشراق نور النبيّ عليكم وتذكيره إياكم. { من عَمِل صالحاً من ذكر أو أنثى } أي: عملاً يوصله إلى كماله الذي يقتضيه استعداده، إذ الصلاح في الشخص توجهه إلى كماله أو كونه على ذلك الكمال، والفساد بالضدّ وفي العمل كونه وصلة وسيلة إليه من صاحب قلب بالغ إلى كمال الرجولية أو صاحب نفس قابلة لتأثير القلب مستفيضة منه { وهو مؤمن } أي: معتقد للحق اعتقاداً جازماً، إذ صلاح العمل مشروط بصحة الاعتقاد وإلا لم يتصور كماله على ما هو عليه ولم يعتقده على الوجه الذي ينبغي فلم يمكنه عمل يوصله إليه فلا يكون ما يعمله صالحاً حينئذ في الحقيقة. وإن كان في صورة الصلاح { فلنحيينه حياة طيبة } أي: حياة حقيقية لا موت بعدها بالتجرّد عن المواد البدنية والانخراط في سلك الأنوار السرمدية، والتلذّذ بكمالات الصفات في مشاهدات التجليات الأفعالية والصفاتية { ولنجزينهم أجرهم } من جنان الأفعال والصفات { بأحسن ما كانوا يعملون } إذ عملهم يناسب صفاتهم التي هي مبادئ أفعالهم وأجرهم يناسب صفاتنا التي هي مصادر أفعالنا، فانظر كم بينهما من التفاوت في الحسن. { فإذا قرأت القرآن فاسْتَعذ بالله } فادرج عن مقام النفس بالعروج إلى جناب القدس، فإن النفس مأوى كل كدورة ومنبع كل رجس تناسب وساوس الشيطان، وتجرّدها بأحاديثها، فإن ارتقيت من مقرّها لم يكن للشيطان عليك سلطان لأنه لا يطيق نور حضور الحق وحضرة القلب مهبط أنواره وجناب صفاته المقدّسة ومحل تجلياته النورية، فعذ إليها وعذ بنور الله فيها تستحكم بنيان إيمانك باليقين.