التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً
٤٧
وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً
٤٨
وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً
٤٩
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً
٥٠
مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً
٥١
وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً
٥٢
وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفاً
٥٣
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً
٥٤
وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً
٥٥
وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَٰدِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَٰطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ وَٱتَّخَذُوۤاْ ءَايَٰتِي وَمَآ أُنْذِرُواْ هُزُواً
٥٦
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَٰتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَىٰ ٱلْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً
٥٧
وَرَبُّكَ ٱلْغَفُورُ ذُو ٱلرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ ٱلْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاً
٥٨
وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً
٥٩
-الكهف

تفسير القرآن

{ ويوم نسيّر الجبال } أي: نُذْهب جبال الأعضاء بالتفتيت فنجعلها هباءً منثوراً { وترى } أرض البدن { بارزة } ظاهرة مستوية، مسطحة بسيطة، كما كانت، لا صورة عليها ولا تركيب، فيها تراباً خالصاً { وحشرناهم } الضمير إما للقوى المذكورة وإما لأفراد الناس { فلم نغادر منهم أحداً } غير محشور. { وعرضوا على ربّك } عند البعث { صفّاً } أي: مصطفين مترتبين في المواقف لا يحجب بعضهم بعضاً، كل في رتبته { لقد جئتمونا } أي: قلنا لهم ذلك اليوم: لقد جئتمونا حفاة عراة، غرلاً فرادى، أي: { كما خلقناكم أول مرّة بل زعمتم } بإنكاركم البعث { ألّن نجعل لكم موعداً } وقتاً لإنجاز ما وعدتم على ألسنة الأنبياء من البعث والنشور. { ووضع الكتاب } أي: كتاب القالب المطابق لما في نفوسهم من هيئات الأعمال الراسخة فيهم { فترى المجرمين مشفقين مما فيه } لعثورهم به على ما نسوا { ويقولون يا ويلتنا } يدعون الهلكة التي هلكوا بها من أثر العقيدة الفاسدة والأعمال السيئة { ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها } لكون آثار حركاتهم وأعمالهم كلها باقية في نفوسهم صغيرة كانت أو كبيرة، ثابتة في ألواح النفوس الفلكية أيضاً، مضبوطة فيها، تظهر عليهم على التفصيل في نشأتهم الثانية لا محيص لهم عنها، وهذا معنى قوله: { ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربّك أحدً } مرّ معنى سجود الملائكة وإباء إبليس. وقوله: { وكان من الجنّ } كلام مستأنف، كأن قائلاً قال: ما بال إبليس لم يسجد؟ قال: كان من الجنّ، أي: من القوى البدنية المختفية بالمواد، فلذلك { فسق عن أمر ربّه } أي: لاحتجابه بالمادة ولواحقها.