التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً
٨٢
وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً
٨٣
إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً
٨٤
فَأَتْبَعَ سَبَباً
٨٥
حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً
٨٦
قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً
٨٧
-الكهف

تفسير القرآن

{ وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة } أي: العاقلتين النظرية والعملية المنقطعتين عن أبيهما الذي هو روح القدس لاحتجابهما عنه بالغواشي البدنية أو القلب الذي مات أو قتل قبل الكمال باستيلاء النفس في مدينة البدن { وكان تحته كنز لهما } أي: كنز المعرفة التي لا تحصل إلا بهما في مقام القلب لإمكان اجتماع جميع الكليات والجزئيات فيه بالفعل وقت الكمال وهو حال بلوغ الأشد واستخراج ذلك الكنز. وقال بعض أهل الظاهر من المفسرين: كان الكنز صحفاً فيها علم { وكان أبوهما } على كلا التأويلين { صالحاً } وقيل: كان أباً أعلى لهما حفظهما الله له، فعلى هذا لا يكون إلا روح القدس.
قصة ذي القرنين مشهورة وكان رومياً قريب العهد والتطبيق، إن ذا القرنين في هذا الوجود هو القلب الذي ملك قرنيه، أي: خافقيه شرقها وغربها { إنّا مكنّا له } في أرض البدن بالإقدار والتمكين على جمع الأموال من المعاني الكلية والجزئية والسير إلى أيّ قطر شاء من المشرق والمغرب. { وآتيناه من كل شيء } أراده من الكمالات { سبباً } أي: طريقاً يتوصل به إليه { فأتبع } طريقاً بالتعلق البدني والتوجه إلى العالم السفلي. { حتى إذا بلغ مغرب الشمس } أي: مكان غروب شمس الروح { وجدها تغرب في عين حمئة } أي: مختلطة بالحمأة، وهي المادة البدنية الممتزجة من الأجسام الغاسقة كقوله:
{ { مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } [الإنسان، الآية: 2]. { ووجد عندها قوماً } هم القوى النفسانية البدنية والروحانية { قلنا يا ذا القرنين إمّا أن تُعذب } بالرياضة والقهر والإماتة { وإما أن تتخذ فيهم حسناً } بالتعديل وإيفاء الحظ.
{ قال أمّا من ظلم } بالإفراط وعدم الاستسلام والانقياد كالشهوة والغضب والوهم والتخيل { فسوف نعذّبه } بالرياضة { ثم يردّ إلى ربّه } في القيامة الصغرى { فيعذّبه } بالإلقاء في نار الطبيعة { عذاباً نكراً } أي: منكراً أشدّ من عذابي، أو في القيامة الكبرى فيعذبه عذاب القهر والإفناء.