التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً
٦٦
أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً
٦٧
فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً
٦٨
ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً
٦٩
ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً
٧٠
وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً
٧١
ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً
٧٢
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً
٧٣
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً
٧٤
قُلْ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَـٰلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً
٧٥
-مريم

تفسير القرآن

{ ولم يك شيئاً } في عالم الشهادة محسوساً أو شيئاً يعتدّ به، كما قال: { لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } [الإنسان، الآية: 1] لأن الوجود العيني في الأزل قبل الخلق كلا وجود لانطماسه في عين الجمع { لنحشرنهم والشياطين } أي: لنحشرنّ المحجوبين المنكرين للبعث مع الشياطين الذين أغووهم وأضلوهم عن الحق لأنّ نفوس المحجوبين تناسب في الكدورة والبعد عن النور نفوس الشياطين، فبالضرورة يحشرون معهم خصوصاً إذا اتبعوهم في الاعتقاد { ثم لنحضرنهم حول جهنم } الطبيعة في العالم السفلي لاحتجابهم بالغواشي الهيولانية والغواسق الظلمانية في الهياكل السجنية مقرنين في الأصفاد، سرابيلهم من قطران { جثياً } لاعوجاج هياكلهم بسبب عوج نفوسهم فلا يستطيعون قياماً { ثم لننزعنّ من كل شيعة } أي: لنخصَّن من كل فرقة من هو أشدّ عتياً على الرحمن بعذاب أشدّ على ما علمنا من حاله، فنحن أعلم به منه، فنصليه بعذاب هو أولى به.
{ وإنّ منكم إلاّ واردها } أي: لا بدّ لكل أحد عند البعث والنشور أن يرد عالم الطبيعة لكونها مجاز عالم القدس { كان على ربّك حتماً مقضيا } أي: حكماً جزماً، مقطوعاً به. ومن بعث بردّ روحه إلى الجسد لا يمكنه الجواز على الصراط إلا بالجواز على جهنم، لأن المؤمن لما جاء أطفأ نوره لهبها فلم يشعر بها. كما روي أنها تقول: جز يا مؤمن فإن نورك أطفأ لهبي. ولو سألته بعد دخول الجنة: كيف كان حالك في النار؟ لقال: ما أحسست بها. كما سئل الصادق عليه السلام: أتردونها أنتم أيضاً؟ فقال: جزناها وهي خامدة. وعن ابن عباس: يردونها كأنها أهالة. وعن جابر بن عبد الله أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال:
"إذا دخل أهل الجنة الجنة قال بعضهم لبعض: أليس وعدنا ربنا أن نرد النار؟ فيقال لهم: وردتموها وهي خامدة" . وعنهرحمه الله أنه سئل عن هذه الآية فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" "الورود الدخول لا يبقى برّ ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم عليه السلام حتى أنّ للنار ضجيجاً من بردها" . وأما قوله: { أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } [الأنبياء، الآية:101] فالمراد عن عذابها.
{ ثم ننجي الذين اتّقوا } لتجردهم بالجواز على الصراط الذي هو سلوك طريق العدالة إلى التوحيد كالبرق { ونذر الظالمين } الذين نقصوا نور استعدادهم في الظلمات أو وضعوه غير موضعه { فيها جثياً } لا حراك بهم لتوردهم في المواد الظلمانية كما قال عليه السلام:
"الظلم ظُلُمات يوم القيامة" .