التفاسير

< >
عرض

قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ
٢٦٣
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِٱلْمَنِّ وَٱلأَذَىٰ كَٱلَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ
٢٦٤
وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوٰلَهُمُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٢٦٥
-البقرة

تفسير القرآن

ثم قال: { قول مَعْروف ومَغْفرة خيرٌ من صدَقَة يَتْبعها أَذَىً } إذ القول الجميل، وإن كان بالردّ، يفرح قلبه، ويروّح روحه، والصدقة إنما تنفع جسده ولا تفرّح القلب إلا بالتبعية وتصوّر النفع، فإذا قارن ما ينفع الجسد ما يؤذي الروح تكدّر النفع وتنغص، ولم يقع في مقابلة الفرح الحاصل من القول الجميل، ولو لم يكن مع التنغيص أيضاً لأن الروحانيات أشرف وأحسن وأوقع في النفوس { والله غنيّ } عن الصدقة المقرونة بالأذى، فيعطي المستحق من خزائن غيبه { حليم } لا يعاجل بالعقوبة.
{ مثل الذين يُنْفِقون أموَالهم ابْتِغاء مرضاة الله } هذا هو القسم الثاني من الإنفاق. فضّله على الأول بتشبيهه بالجنة، فإن الجنة مع إيتاء أكلها تبقى بحالها بخلاف الحبة، فأشار بها أنه ملك لهم كأنه صفة ذاتية ولهذا قال: { وتثبيتاً من أنفسهم } أي: توطيناً لها على الجود الذي هو صفة ربانية، وقوله: { بِرَبْوَةٍ } إشارة إلى ارتفاع رتبة هذا الإنفاق وارتقائه عن درجة الأول { أصابها وابل } اي: حظ كثير من صفة الرحمة الرحمانية ومدد وافر من فيض جوده لأنها ملكة الاتصال بالله تعالى بمناسبة الوصف واستعداد قبوله والاتصاف به { فإن لم يصبها وابل } أي: حظ كثير، فحظ قليل { والله بما تعملون بصير } بأعمالكم يرى أنها من أيّ القبيل.