التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ
٧٢
-البقرة

تفسير القرآن

{ وإذ قتلتم نفساً فادّارءْْتُم فيها } إشارة إلى بيان سبب الأمر بذبح البقرة، وهو أنه كان شيخ موسر من بني إسرائيل وله ابن شاب فقتله ابنا عمه، أو بنو عمه، طمعاً في ميراث أبيه وطرحوه بين أسباط بني إسرائيل على الطريق، فتدافعوا في قتله، فورد الأمر بذبح البقرة وضربه ببعضها ليحيا فيخبر بالقاتل. فالشابّ هو القلب الذي هو ابن الروح الموسر بأموال المعارف والحكم، وقتله منعه عن حياته الحقيقية وإزالة العشق الحقيقي الذي هو حياته عنه باستيلاء قوّتي الشهوة والغضب اللذين هما ابنا عمه النفس الحيوانية أو جميع قواها عليه، إذ الروح والنفس أخوان باعتبار فيضانهما وولادتهما من أب هو العقل الفعال المسمّى { روح القدس } على قياس ما ورد في الحديث: "أكرموا عمتكم النخلة، فإنها خلقت من بقية طين آدم" . فإن النفس النباتية الكاملة التي إذا كانت عمّة النفس الإنسانية، كانت النفس الحيوانية عمّتها. قتلاه طمعاً في استعمال المعاني العقلية والحكم التي هي ميراث أبيه في تحصيل مطالبهما وكمالاتهما ولذاتهما بأنواع الحيل والمكر وصناعة الفكر. وطرحاه على طرق القوى الروحانية والطبيعية بين محالها وتدافعهم في قتله هو إحالة كلّ قوة منها الفساد والإثم إلى الأخرى، والصلاح والبراءة إلى نفسها لتنازعها وتجاذبها في أفعالها ولذاتها واحتجاب كلّ منها بما يلائمها عما يلائم الأخرى ورؤيتها الصلاح فيه والفساد في ضدّه. { والله مُخْرجٌ ما كنتم تكتُمُونَ } من نور القلب وحياته، بالاستيلاء عليه.