التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
٣٣
وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ
٣٤
كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
٣٥
وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ
٣٦
خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ
٣٧
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٣٨
لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
٣٩
بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ
٤٠
وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٤١
قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُّعْرِضُونَ
٤٢
أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ
٤٣
بَلْ مَتَّعْنَا هَـٰؤُلاۤءِ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ أَفَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ
٤٤
قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلْوَحْيِ وَلاَ يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ
٤٥
وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
٤٦
-الأنبياء

تفسير القرآن

{ وهو الذي خلق } ليل النفس ونهار العقل الذي هو نور شمس الروح وقمر القلب { كل في فلك } أي: مقرّ علوي وحدّ ومرتبة من سموات الروحانيات يسيرون إلى الله { خلق الإنسان من عجل } إذ النفس التي هي أصل الخلقة دائمة الطيش والاضطراب لا تثبت على حال فهو مجبول على العجل ولو لم يكن كذلك لم يكن له السير والترقي من حال إلى حال إذ الروح دائم الثبات وبتعلقه بالنفس يحصل وجود القلب ويعتدل بهما في السير، فما دام الإنسان في مقام النفس ولم يغلب عليه نور الروح والقلب المفيد للسكينة والطمأنينة يلزمه العجلة بمقتضى الجبلة.
{ لو يعلم } المحجوبون عن الرحمن العامّ الفيض وعن المعاد الشامل للكل وقت إحاطة العذاب بهم جميع الجهات بأمر الرحمن المحيط العلم الوحداني الأمر فلا يقدرون أن يمنعوه عما قدامهم من الجهة التي تلي الروح المعذبة بنار القهر الإلهي والحرمان الكلي من الأنوار الروحانية والكمالات الإنسانية ولا عما خلفهم من الجهة التي تلي الجسد المعذبة بنار الهيئات الجسمانية والعقارب والحيّات السود النفسانية والأقذار الهيولانية والآلام الجسدانية { ولا هم ينصرون } من الأمدادات الرحمانية لكثافة حجابهم وشدّة ارتيابهم لما استعجلوا.
{ أفلا يرون } أتمادت غفلتهم فلا يرون { أنا نأتي } أرض البدن بالشيخوخة { ننقصها من أطرافها } كالسمع والبصر وسائر القوى أو أرض النفس المتيقظة المتوجهة إلى الحق، الذاكرة بأنوار الصفات ننقصها من صفاتها وقواها { أفهم الغالبون } أم نحن.
{ ولئن مسّتهم نفحة } من النفحات الربانية في صورة العذاب أي: من الألطاف الخفيّة كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "سبحان من اشتدّت نقمته على أعدائه في سعة رحمته، واتسعت رحمته لأوليائه في شدّة نقمته". فكشف عنهم حجاب الغفلة المتراكمة من طول التمتيع الذي هو النقمة في صورة الرحمة والقهر الخفيّ ليستيقظنّ ويتنبهنّ لظلمهم في إعراضهم عن الحق وانهماكهم في الباطل.