{قطعت لهم ثياب من نار} جعلت لهم ملابس من نار غضب الله وقهره، وهي هيئات وأجرام مطابقة لصفات نفوسهم المنكوسة، معذبة لها غاية التعذيب {يصبّ من فوق رؤوسهم} حميم الهوى، وحب الدنيا الغالب عليهم، أو حميم الجهل المركّب والاعتقاد الفاسد المستعلي على جبهتهم العلوية التي تلي الروح في صورة القهر الإلهي مع الحرمان عن المراد المحبوب المعتقد فيه {يصهر به} أي: يذاب به ويضمحل {ما في} بطون استعداداتهم من المعاني القوية وما في ظاهرهم من الصفات الإنسانية والهيئات البشرية، فتتبدل معانيهم وصورهم، وكلما نضجت جلودهم بدلوا جلوداً غيرها.
{ولهم مقامع} أي: سياط {من حديد} الأثيرات الملكوتية بأيدي زبانية الأجرام السماوية المؤثرة في النفوس المادية، تقمعهم بها وتدورهم من جناب القدس إلى مهاوي الرجس {كلما أرادوا} بدواعي الفطرة الإنسانيةوتقاضي الاستعداد الأوليّ {أن يخرجوا} من تلك النيران إلى فضاء مراتب الإنسان {من غمّ} تلك الهيئات السود المظلمة وكرب تلك الدركات الموجبة، ضربوا بتلك المقامع المؤلمة وأعيدوا إلى أسافل الوهدات المهلكة {و} قيل لهم: {ذوقوا عذاب الحريق}.
{جنات} القلوب {تجري من} تحتهم أنهار العلوم {يُحَلون فيها من أساور} الأخلاق والفضائل المصوغة {من ذهب} العلوم العقلية والحكمة العملية {ولؤلؤاً} المعارف القلبية، والحقائق الكشفية {ولباسهم فيها حرير} شعاع أنواع الصفات الإلهية والتجليّات اللطيفة، وهداهم {إلى الطيب من} ذكر الصفات في مقام القلب {وإلى صراط} ذي الصفات، أي: توحيد الذات الحميدة باتصافها بتلك الصفات، تلك بعينها صراط الذات وسلّم الوصول إليها بالفناء.