التفاسير

< >
عرض

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ
٣٤
ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَٱلصَّٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ وَٱلْمُقِيمِي ٱلصَّلَٰوةِ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ
٣٥
وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
٣٦
لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ
٣٧
-الحج

تفسير القرآن

{ ولكل أمّة } من القوى { جعلنا } عبادة مخصوصة بها { ليذكروا اسم الله } بالاتصاف بصفاته التي هي مظاهرها في التوجه إلى التوحيد { على ما رزقهم من } الكمال بواسطة { بهيمة } النفس التي هي من جملة { الأنعام } أي: النفوس السليمة { فإلهكم إله واحد } فوحدوه بالتوجه نحوه من غير التفات إلى غيره، وخصّصوه بالانقياد والطاعة ولا تنقادوا إلا له { وبشّر } المنكسرين المتذللين القابلين لفيضه.
{ الذين إذا ذُكِرَ الله } بالحضور { وجلتْ قلوبهم } انفعلت لقبول فيضه { والصابرين } الثابتين { على ما أصابهم } من المخالفات والمجاهدات { والمقيمي } صلاة المشاهدة { ومما رزقناهم } من الفضائل والكمالات { ينفقون } بالفناء في الله والإفاضة على المستعدين.
{ والبدن } أي: النفوس الشريفة العظيمة القدر { جعلناها } من الهدايا المعلمة لله { لكم فيها خير } سعادة وكمال { فاذكروا اسم الله عليها } بالاتّصاف بصفاته وإفناء صفاتكم فيه، وذلك هو النحر في سبيل الله { صواف } قائمات بما فرض الله عليها، مقيدات بقيود الشريعة، وآداب الطريقة، واقفات عن حركاتها واضطراباتها { فإذا } سقطت عن هواها الذي هو حياتها وقوّتها التي بها تستقل وتضطرب بقتلها في الله { فكلوا } استفيدوا من فضائلها وأفيدوا المستعدّين والطالبين المتعرّضين للطلب من المريدين { كذلك سخّرناها لكم } بالرياضة { لعلكم تَشْكرون } نعمة الاستعداد والتوفيق باستعمالها في سبيل الله.
{ لن ينال الله } لحوم فضائلها وكمالاتها ولا إفناؤها بإزالة أهوائها التي هي دماؤها { ولكن يناله } التجرّد { منكم } عنها وعن صفاتها. فإن سبب الوصول هو التجرّد والفناء في الله، لا حصول الفضائل مكان الرذائل. مثل ذلك التسخير بالرياضة { سخّرها لكم لتكبّروا الله } بالفناء فيه عنها وعن كل شيء على النحو الذي هداكم إليه بالتجريد والتفريد والسلوك في الطريقة إلى الحقيقة { وبشِّر المُحْسنين } الشاهدين في العبودية عن البقاء والفناء حال الاستقامة والتمكين.