التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا لَقَدِ ٱسْتَكْبَرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً
٢١
يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً
٢٢
وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً
٢٣
أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً
٢٤
وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً
٢٥
ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَافِرِينَ عَسِيراً
٢٦
-الفرقان

تفسير القرآن

{ يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين } لأن ذلك اليوم هو وقت وقوع القيامة الصغرى وإخراب البدن الذي به تؤثر فيهم الروحانيات السماوية والأرضية بالقهر والتعذيب وإلزام الهيئات البرزخية المنافية لطباع أرواحهم في الأصل، وإن كانت مناسبة لها في الحال { ويقولون حجراً محجوراً } يتمنون أن يدفع الله عنهم ذلك ويمنعه. وإنما جعلت أعمالهم هباء لكونها غير مبنية على عقائد صحيحة. والأصل في العمل الإيمان اللازم لسلامة الفطرة وإذا لم يكن كان كل حسنة سيئة لمقارنتها النية الفاسدة والتوجه بها لغير وجه الله.
{ ويوم تشقق } سماء الروح الحيواني بغمام الروح الإنساني بانفتاحها عنه، ولهذا قيل في التفاسير: إنه غمام أبيض دقيق. وإنما شبّه بالغمام لاكتسابه الهيئة الجسدانية والصورة اللطيفة النفسانية من البدن واحتجابه بها وكونه منشأ العلم كالغمام للماء، وفي تلك الصورة الثواب والعقاب قبل البعث الجسداني { ونزّل الملائكة } باتصالها به إما للثواب وإما للعقاب لأنها إما مظاهر اللطف وإما مظاهر القهر.
{ الملك يومئذ الحق } أي: الثابت الي لا يتغير { للرحمن } الموصوف بجميع صفات اللطف والقهر، المفيض على كل ما يستحق لزوال كل ملك باطل ولا قدرة حينئذ لأحد على إنجاء المعذبين منه ولا يمكنهم الالتجاء بغيره لبطلان التعلقات والإضافات وظهور ملك الرحمن على الإطلاق. أو يوم تشقق سماء القلب بغمام نور السكينة وتنزّل ملائكة القوى الروحانية بالأمداد الإلهية والأنوار الصفاتية في القيامة الوسطى تكون تلك السلطنة على القلب للرحمن المستوي على عرشه، المتجلى له بجميع صفاته { و } على كلا التقديرين { كان يوماً على الكافرين عسيراً } أما على الأول فلتعذبهم عند خراب البدن بالهيئات المظلمة وقهر القوى السماوية، وأما على الثاني فلظهور تعذّبهم في شهود صاحب هذه القيامة واطلاعه، ولم يوجد موجوداً مستقلاً في التأثير فيناسبه ولم يكن قاهر غيره فيشاركه على حالهم أو للبناء على تأويلهم بالقوى النفسانية المقهورة هناك، المعذبة بالرياضة، والله أعلم.