التفاسير

< >
عرض

وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ
١٣
وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ
١٤
قَالَ كَلاَّ فَٱذْهَبَا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ
١٥
فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٦
أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ
١٧
قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ
١٨
وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ
١٩
-الشعراء

تفسير القرآن

{ ويضيق صدري } لعدم اقتداري على قهرهم وعلمي بامتناعهم عن قبول الأوامر الشرعية والأسرار الوحيية وما يكون خارجاً عن طور الفكر والعقل لتدربهم بذلك وتفرعنهم باستبدادهم { ولا ينطلق لساني } معهم في هذه المعاني لكونها على خلاف ما تعوّدوا به ونشؤوا عليه من الحكم العملية الداعية إلى مراعاة التعديل في الأخلاق دون الفناء بالإطلاق { فأرسل إلى هارون } العقل ليؤدّبهم بالمعقول ويسوسهم بما يسهل قبولهم له من رعاية مصلحة الدارين واختيار سعادة المنزلين فتلين عريكتهم وتضعف شكيمتهم بمداراته ورفقه وموافقته لهم بعلمه وحلمه { ولهم عليّ ذنب } بقتلي جبار الشهوة { فأخاف } إن دعوتهم إلى التوحيد وأمرتهم بالتجريد وترك الحظوظ والاقتصار على الحقوق { أن يقتلون } بالاستيلاء والغلبة، وهذا صورة حال من احتجبت نفسه بالحكمة ولم يتألف بعد طريق الوحدة مع قوّة استعداده وعدم وقوفه مع ما نال من كمال، فقلما تقبل نفسه خلاف ما يعتقد وتنقاد في متابعة الشريعة وتقلد إلا من تداركه سبق العناية وساعده التوفيق بالجذبة و { كلا } ردع له عن الخوف بالتشجيع والتأييد { فاذهبا } أمر باستصحاب العقل للمناسبة والجنسية وتقرير التوحيد بطريق البرهان القامع للتفرعن والطغيان و { إنّا معكم مستمعون } وعد بالكلاءة والحفظ وتقوية اليقين، فإن من كان الحق معه لا يغلبه أحد { أن أرسل معنا بني إسرائيل } القوى الروحانية المستضعفة، المستخدمة في تحصيل اللذات الجسمانية. وتربيته إياه وليداً ولبثه فيهم سنين صورة حال الطفولية والصبوية إلى أوان التجرّد وطلب الكمال الذي أشدّه ببلوغ الأربعين، فإنّ القلب في هذا الزمان في تربية النفس والولاية لها لحكمة عادية الآلة. والفعلة هي الحركة المذمومة عند النفس من الاستيلاء على الشهوة والكفر الذي نسبه إليه هو إضاعة حق التربية.