التفاسير

< >
عرض

وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
١١
وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ
١٢
فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
١٣
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَٱسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
١٤
-القصص

تفسير القرآن

{ وقالت لأخته } القوّة المفكرة { قصّيه } أي: اتبعيه وتفقدي حاله بالحركة في تصفح معانيه المعقولة وكمالاته العلمية والعملية { فبصرت به عن جنب } أدركت حاله عن بعد لأنها لا ترتقي إلى حدّه ولا تطلع عن مكاشفته وأسراره وما يحصل له من أنوار صفاته { وهم لا يشعرون } أي: لا يطلعون على اطلاع أخته عليه لقصور جميع القوى النفسانية عن حدّ المفكرة وبلوغ شأوه.
{ وحرّمنا عليه المراضع } أي: منعناه من التقوي والتغذي بلذات القوى النفسانية وشهواتها وقبول أهوائها وإعدادها { من قبل } أي: قبل استعمال الفكر بنور الاستعداد وصفاء الفطرة { فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم } بالقيام بتربيته بالأخلاق والآداب ويرضعونه بلبان المبادىء من المشاهدات والوجدانيات والتجريبات، وما طريقة الحس والحدس من العلوم { وهم له ناصحون } يشدونه بالحكم العملية والأعمال الصالحة، ويهذّبونه ولا يغوونه بالوهميات والمغالطات، ويفسدونه بالرذائل والقبائح.
{ فرددناه إلى أمّه } النفس اللوّامة بالميل نحوها والإقبال { كي تقرّ عينها } بالتنوّر بنوره { ولا تحزن } بفوات قرّة عينها وبهائها وتقويتها به { ولتعلم } بحصول اليقين بنوره { أنّ وعد الله } بإيصال كل مستعدّ إلى كماله المودع فيه وإعادة كل حقيقة إلى أصلها { حق ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ذلك فلا يطلبون الكمال المودع فيهم لوجود الحجاب وطريان الشك والارتياب.
{ ولما بلغ أشدّه } أي: مقام الفتوّة وكمال الفطرة { واستوى } استقام بحصول كماله ثم بتجرّده عن النفس وصفاته { آتيناه حكماً وعلماً } أي: حكمة نظرية وعملية { وكذلك نجزي المحسنين } المتّصفين بالفضائل، السائرين في طريق العدالة.