التفاسير

< >
عرض

قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ
٣٣
وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ
٣٤
قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَالِبُونَ
٣٥
فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ
٣٦
وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ
٣٧
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ
٣٨
وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ
٣٩
فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ
٤٠
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ
٤١
وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ
٤٢
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٤٣
-القصص

تفسير القرآن

{ وأخي هارون } العقل { هو أفصح مني لساناً } لأن العقل بمثابة لسان القلب ولولاه لم يفهم أحوال القلب، إذ الذوقيات ما لم تدرج في صورة المعقول وتتنزل في هيئة العلم والمعلوم، وتقرب بالتمثيل والتأويل إلى مبالغ فهوم العقول والنفوس لم يمكن فهمها { ردءاً يصدّقني } عوناً يقرّر معناي في صورة العلم بمصداق البرهان { إني أخاف أن يكذبون } لبعد حالي عن أفهامهم وبعدهم عن مقامي وحالي فلا بدّ من متوسط.
{ سنشدّ عضدك بأخيك } نقويك بمعاضدته { ونجعل لكما } غلبة بتأثيرك فيهم بالقدرة الملكوتية وتأييدك العقل بالقوّة القدسية، وإظهار العقل كمالك في الصورة العملية والحجّة القياسية { فأوقد لي يا هامان } نار الهوى على طين الحكمة الممتزجة من ماء العلم وتراب الهيئات المادية { فاجعل لي } مرتبة عالية من الكمال، من صعد إليها كان عارفاً. وهو إشارة إلى احتجابه بنفسه، وعدم تجرّد عقله من الهيئات المادّية لشوب الوهم. أي: حاولت النفس المحجوبة بأنائيته من عقل المعاش المحجوب بمعقوله أن يبني بنياناً من العلم والعمل المشوبين بالوهميات، ومقاماً عالياً من الكمال الحاصل بالدراسة والتعلّم لا بالوراثة والتلقي، من استعلى عليه توهم كونه عارفاً بالغاً حدّ الكمال، كما ذكر في الشعراء أنهم كانوا قوماً محجوبين بالمعقول عن الشريعة والنبوّة، متدربين بالمنطق والحكمة، معتنين بهما، معتقدين الفلسفة غاية الكمال، منكرين للعرفان والسلوك والوصال { لعلي أطلع إلى إله موسى } بطريقة التفلسف، وإنما ظنّه من الكاذبين لقصوره عن درجة العرفان والتوحيد، واحتجابه بصفة الأنائية والطغيان والتفرعن بغير الحق من غير أن يتّصفوا بصفة الكبرياء عند الفناء، فيكون تكّبرهم بالحق لا بالباطل عن صفات نفوسهم.