التفاسير

< >
عرض

قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ
١٣٧
هَـٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ
١٣٨
وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ
١٣٩
إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ
١٤٠
وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ ٱلْكَافِرِينَ
١٤١
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ
١٤٢
-آل عمران

تفسير القرآن

{ قد خلَتْ من قَبْلِكم } بطشات ووقائع مما سنّه الله في أفعاله بالذين كذبوا بالأنبياء في توحيد الأفعال { فسيروا في الأرض فانْظروا } في آثارها فتعلموا كيف كان عاقبتهم { هذا } الذي ذكر { بيان للناس } من علم توحيد الأفعال وتفصيل المتقين الذين هم أهل التمكين في ذلك، والتائبين الذين هم أهل التلوين، والمصرين المحجوبين عنه المكذبين به، وزيادة هدى وكشف عيان وتثبت واتعاظ للذين اتّقوا رؤية أفعالهم أو هدى لهم إلى توحيد الصفات والذات. { ولا تَهنوا } في الجهاد عند استيلاء الكفار { ولا تَحزنوا } على ما فاتكم من الفتح وما جرح واستشهد من إخوانكم { وأنتُم الأعْلَون } في الرتبة لقربكم من الله وعلو درجتكم بكونكم أهل الله { إن كنتم } موحدين، لأنّ الموحد يرى ما يجري عليه من البلاء من الله فأقلّ درجاته الصبر إن لم يكن رضا يتقوّى به فلا يحظن ولا يهن { الأيام } الوقائع وكل ما يحدث من الأمور العظيمة يسمى يوماً وأياماً، كما قال تعالى: { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ } [إبراهيم، الآية: 5] وقد مرّ تفسير { وليعلم الله } من ظهور العلم التفصيلي التابع لوقوع المعلوم.
{ ويتخذ مِنكم شُهداء } الذين يشهدون للحق فيذهلون عن أنفسهم، أي: نداول الوقائع بين الناس لأمور شتى وحِكَم كثيرة، غير مذكورة، من خروج ما في استعدادهم إلى الفعل من الصبر والجلد وقوّة اليقين، وقلّة المبالاة بالنفس، واستيلاء القلب عليها، وقمعها وغير ذلك. ولهذين العلتين المذكورتين ولتخليص المؤمنين من الذنوب والغواشي التي تبعدهم من الله بالعقوبة والبليّة إذا كانت عليهم، ومحق الكافرين وقهرهم وتدميرهم إذا كانت لهم. وقد اعترض بين العلل قوله: { والله لا يحب الظالمينَ } ليعلم أنّ من ليس على صفة الإيمان والشهادة وتمحيص الذنوب وقوّة الثبات لكمال اليقين، بل حضر القتال لطلب الغنيمة أو لغرض آخر فهو ظالم والله لا يحبه.