{أولئك لهم رزق معلوم} يعلمه الله دون غيره وهو معلومات الله المقوّية لقلوبهم المغذيّة لأرواحهم.
{فواكه} ملذة غاية التلذيذ، إذ الفاكهة ما يتلذّذ به، أي: يتلذذون في مكاشفاتهم بما يحضرهم من معلوماته تعالى {وهم مُكرمون} في مقعد صدق عند مليك مقتدر في الجنات الثلاث يتنعمون بقرب الحق في حضرته غاية الإكرام والتنعم.
{على سرر} مراتب ودرجات {متقابلين} في الصف الأول، مترائين لا يحجب بعضهم عن بعض ولا يتفاضلون في المقاعد {يطاف عليهم بكأس من} خمر العشق {معين} مكشوف لأهل العيان إذا دنّه المعاينة فكيف لا يعاين.
{بيضاء} نورية من عين الأحدية الكافورية، لا شوب فيها ولا مزج من التعينات {لذّة للشاربين لا فيها غول} يغتال العقل لأنهم أهل صحوا أخلصهم الله من الشوائب والحجاب فلا ينكر لهم {ولا هم عنها ينزفون} بذهاب العقول وإلا لم يكونوا أهل الجنات الثلاث في مقام البقاء.
{وعندهم قاصرات الطرف} من أهل الجبروت والملكوت والنفوس المجرّدة، الواقفات تحت مراتبهم في مقام تجليات الصفات وسرادقات الجلال، وفي مجالي مشاهداتهم تحت قباب الجمال في روضات القدس وحضرة الأسماء {عين} لأنّ ذواتهم كلها عيون لا يمدون طرفاً عنهم لفرط محبّتهم وعشقهم لهم لأنهم هم المعشوقون.
{كأنهنّ بيض مكنون} في الأداحي لغاية صفائها في خدور القدس ونقائها من موادّ الرجس {يتساءلون} يتحادثون بأحاديث أهل الجنة والنار ومذاكرة أحوال السعداء والأشقياء، مطلعين على كلا الفريقين وما هم فيه من الثواب والعقاب، كما ذكر في وصف أهل (الأعراف).