التفاسير

< >
عرض

قُلْ يٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ
١٠
قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ
١١
وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ
١٢
قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
١٣
قُلِ ٱللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي
١٤
فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ
١٥
لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ
١٦
-الزمر

تفسير القرآن

{ قل يا عباد } المخصوصين فيّ من أهل العناية { الذين آمنوا } الإيمان العملي { اتّقوا ربّكم } بمحو صفاتكم { للذين أحسنوا } أي: اتّصفوا بالصفات الإلهية فعبدوه على المشاهدة { في هذه الدنيا حسنة } لا يكتنه كنهها في الآخرة وهي شهود الوجه الباقي وجماله الكريم.
{ وأرض الله } أي: النفس المطمئنة المخصوصة بالله لانقيادها له وقبولها لنوره واطمئنانها إليه، ذات سعة بيقينها لا تتقيد بشيء ولا تلبث في ضيق من عادة ومألوف وأمر غير الحق { إنما يوفى الصابرون } الذين صبروا مع الله في فناء صفاتهم وأفعالهم وسلوكهم فيه وسيرهم في منازل النفس الواسعة باليقين { أجرهم } من جنات الصفات { بغير حساب } إذ الأجر الموفى بحسب الأعمال في مقام النفس مقدّر بالأعمال في جنّة النفوس، متناه لكونه من باب الآثار محصوراً في الموادّ. وأما الذي يوفى بحسب الأخلاق والأحوال فهو غير متناه لكونه من باب تجليات الصفات في جنة القلب وعالم القدس مجرّداً عن المواد { مخلصاً له الدين } عن الالتفات إلى الغير والسير بالنفس { وأمرت لأن أكون } مقدّم { المسلمين } الذين أسلموا وجوههم إلى الله بالفناء فيه وسابقهم في الصف الأول، سائراً بالله، فانياً عن النفس وصفاتها.
{ أخاف إن عصيت ربّي } بترك الإخلاص والنظر إلى الغير { عذاب يوم عظيم } من الاحتجاب والحرمان والبُعْد { قل الله } أخصّ بالعبادة { مخلصاً له ديني } عن شوب الأنائية والاثنينية { قل إنّ الخاسرين } بالحقيقة، الكاملين في الخسران، هم الواقفون مع الغير، المحجوبون عن الحق { الذين خسروا أنفسهم وأهليهم } بإهلاك الأنفس وتضييع الأهل من الجواهر المقدّسة التي تجانسهم وتناسبهم في عالمها الروحاني لاحتجابهم بالظلمات الهيولانية عنهم { ألا ذلك هو الخسران } الحقيقي الظاهر البيّن.
{ لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل } لانغمارهم في المواد الهيولانية واستقرارهم في قعر بئر الطبيعة الظلمانية، فوقهم مراتب من الطبائع وتحتهم مراتب أخرى وهم في غمرات منها.