التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفْتَرَىٰ إِثْماً عَظِيماً
٤٨
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً
٤٩
ٱنظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلكَذِبَ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْماً مُّبِيناً
٥٠
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰؤُلاءِ أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً
٥١
أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً
٥٢
أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ ٱلْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيراً
٥٣
أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً
٥٤
فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً
٥٥
-النساء

تفسير القرآن

{ إنّ الله لا يغفر أن يُشْرك به } إشارة إلى أنّ الشقاوة العلمية الاعتقادية مخلّدة لا تتدارك أبداً دون العملية، أي: لا يستر بوجوده ولا يفني بذاته من يثبت غيره في الوجود وكيف وأنه يناوبه بوجوده. { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } أي: يزيلون صفات نفوسهم بنفوسهم، وذلك غير ممكن كما لا يمكن لأحدنا حمل نفسه إذ هي لوازم النفس باقية لازمة لها، ولهذا قال تعالى: { { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ } [الحشر، الآية: 9]، إذ الرذائل معجونة فيها، باقية ببقائها. وقال عليه الصلاة والسلام: "شرّ الناس من قامت عليه القيامة وهو حيّ" أي: يقف على علم التوحيد ونفسه لم تمت بالفناء حتى تحيى بالله، فإنه حينئذ زنديق قائل بالإباحة في الأشياء. { بل الله يُزكي من يَشاء } بمحو صفاته وإزالتها بصفاته تعالى { ولا يظلمون فتيلاً } أي: لا ينقصون شيئاً حقيراً من صفاتهم وحقوقها فإنّ الله لا يأخذ شيئاً منها مع ضعفها وسرعة انقضائها حتى يعطي بدله من صفاته مع قوتها ودوامها { انْظُر كيف يَفْتَرون على الله الكَذب } بادعاء تزكية نفوسهم من صفاتها وما تزكّت، أو بانتحال صفات الله إلى أنفسهم لوجود نفوسهم.
{ ألم تَرَ } إلى آخره، { يؤمنون بالجبت والطاغوت } لإثباتهم وجود الغير، وذلك إضلالهم عن الدين الذي هو طريق التوحيد { ويقولون } لأجل الذين حجبوا عن الحق { هؤلاء أهدى } من الموحدين { سَبِيلاً } لموافقتهم في الشرك دون المؤمنين، فإنهم يخالفونهم في الطريق والمقصد، إذ المعترفون بالتوحيد لما ضلّوا السبيل لم يصلوا إلى المقصد الذي اعترفوا به فلزمهم شرك خفيّ قريب من حال المحجوبين عن الحق الذين أشركوا شركاً جليّاً فناسبوهم وصوّبوهم وزعموا أنهم أهدى الموحدين على ما نرى عليه بعض الظاهريين من الإسلاميين { أولئِكَ الذينَ لَعَنَهم الله } بمسخ الاستعداد، ومن طرده الله فلا يمكن لأحد نصرته بالهداية والتقريب والإنجاء.